بحث
بحث
عملة من فئة الدولار - انترنت

الحرب تهز اقتصاد سوريا… ارتباك الأسواق وارتفاع الدولار

مع اشتداد المواجهة بين إيران وإسرائيل، تتجه الأنظار إلى تداعيات هذا التصعيد على اقتصادات دول الجوار، وفي مقدمتها سوريا، التي تعاني من هشاشة بنيوية وأزمات عديدة.

ورغم غياب علاقات تجارية مباشرة بين سوريا وأي من طرفي النزاع، فإن الانعكاسات غير المباشرة بدت سريعة، خاصة في سوق الصرف والطاقة. فقد ارتفع سعر الدولار في السوق السورية إلى 10.200 ليرة، مدفوعاً بموجة مضاربة غذّتها الأجواء النفسية القاتمة ومخاوف من توسّع رقعة الحرب.

ويرى خبراء اقتصاد أن الصرافين الكبار في الداخل والخارج استغلوا التوترات لتجفيف السيولة بالليرة ورفع الطلب على الدولار، بهدف إحداث قفزات مفاجئة في السعر، ثم تحقيق مكاسب سريعة من خلال عمليات تصحيح لاحقة.

أزمة ثقة ومضاربات

الخبير الاقتصادي والمصرفي إبراهيم نافع قوشجي، أوضح أن الصراع الإيراني – الإسرائيلي لن يترك أثراً مباشراً على الاقتصاد السوري، بسبب غياب التبادل التجاري، لكنه حذّر من التأثيرات غير المباشرة، مثل ارتفاع أسعار الطاقة عالمياً، وما يترتب عليها من تضخم وزيادة تكاليف الإنتاج.

وأشار إلى أن الارتفاع الحالي في سعر الصرف يعود إلى عمليات مضاربة ممنهجة تستغل الأخبار السلبية، لافتاً إلى أن الدولار عادة ما يُرفع في أوقات التوتر، ثم يُعاد خفضه عند ظهور مؤشرات إيجابية.

ونوّه إلى أن المصرف المركزي لا يمتلك حالياً احتياطيات كافية لتطبيق سياسة “التعويم المُدار” بفعالية، ما يعزز اعتماد السوق على المضاربة ويُضعف قدرة الحكومة على ضبط التقلبات.

سلاسل الإمداد والاضطرابات

وحسب قوشجي، فإن تداعيات الحرب لا تقتصر على أسعار الطاقة، بل تشمل اضطراب سلاسل الإمداد، لا سيما عبر تركيا أو إيران، ما قد يؤدي إلى نقص في المواد الأساسية وارتفاع أسعارها. كما أن استمرار التوترات يُهدد الاستثمارات، خاصة مشاريع إعادة الإعمار.

وأكد أن ارتفاع أسعار الذهب إلى 3432 دولارا للأونصة، وقفزة النفط بنسبة 9% إلى 75 دولارا للبرميل، يمثلان مؤشرات على اتساع الأزمة، محذراً من احتمال بلوغ أسعار النفط 150 دولارا إذا تم إغلاق مضيق هرمز. وختم تصريحه بالتأكيد على حاجة الاقتصاد السوري إلى إدارة مرنة واستراتيجيات تحوّط فعّالة لمواجهة تبعات النزاع المتسارعة.

اقتصاد هش وارتباك الأسواق

من جانبه، أكّد الخبير الاقتصادي سومر الصالح، أن العوامل النفسية تُعد محركاً رئيسياً في تحديد سعر صرف الدولار في سورية ، مشيراً إلى أن كبار المضاربين في الداخل والخارج يتعمدون رفع السعر في الأيام الأولى للحرب لجني أرباح لاحقة من خفضه.

وأضاف أن الاقتصاد السوري شديد الاعتماد على الاستيراد، من الغذاء والدواء إلى الطاقة والمستلزمات الإلكترونية، ما يجعله عرضة لأي تغير في أسعار الشحن أو التأمين أو النفط.

ونوّه إلى أن المطارات تمثّل خط تماس مباشرا مع التصعيد العسكري، مشيرا إلى أن أي إغلاق أو تغيير في مسارات الملاحة سيؤخر وصول المواد الطبية والشرائح الإلكترونية، ويعقّد المشهد اللوجستي.

سيناريوهات محتملة

أوضح الصالح أن بعض السلع غير الأساسية، كالسيارات، قد تشهد تراجعاً في الأسعار بسبب ضعف الطلب وتوافر المعروض، في حين تبقى حركة الشحن البحري مؤقتاً بمنأى عن التوقف الكامل، لكن من المتوقع أن ترتفع كلف التأمين، مما سينعكس لاحقًا على الأسعار.

وختم بالتنبيه إلى أن إطالة أمد الحرب ستؤثر بعمق على سلاسل الإمداد، خصوصاً في ما يتعلق بالمواد الأولية اللازمة للإنتاج الصناعي، ما يزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي في سوريا والمنطقة.

المصدر: العربي الجديد