قالت جريدة محلية إنّ هناك خطراً وشيكاً على أبواب القطاع الصحي العام في سوريا، بعد النهج التفريطي الذي تتبّعه الحكومة.
وبحسب تقرير لجريدة قاسيون، فإنّ جامعة دمشق نظمت ندوة حوارية تحت عوان “الاستثمار في القطاع الصحي، الإمكانيات والغايات” بمشاركة ممثلين عن الكليات والوزارات المختصة، بهدف تبادل الأفكار من أجل الوصول إلى توصيات ومقترحات تسهم برسم خطة طريق لمشروع الاستثمار في هذا المجال.
وأضاف التقرير: “شكّلت تصريحات وزير الصحة في الندوة الحوارية عن التوجه الحكومي باستكمال التفريط بالقطاع الصحي العام ليصبح بعهدة الاستثمار الخاص، مع ترك رقاب المفقرين تحت رحمة الناهبين والفاسدين”.
وبيّن الوزير أنّ “وزارة الصحة بدأت بتنفيذ الكثير من الأمور المطروحة في الندوة، منها العمل على تحويل المشافي جميعها إلى هيئات عامة ومستقلة لها خصوصيتها الإدارية والمالية، والتأكيد على أنّ الخدمة الطبية المجانية بالمطلق بمكان معيّن واجب، ولكن أيضاً لها الكثير من المساوئ، انطلاقاً من أن الخدمة المجانية يجب أن يستحقها من يستحقها، وضرورة تعديل بعض التشريعات الأساسية التي لها علاقة بهذا الموضوع”.
ونقلت صحيفة الوطن الموالية عن وزير الصحة قوله إنّ “الخدمات المجانية لها العديد من السلبيات ويمكن أن تستغل من المقتدرين على تلقي الخدمة بشكل مدفوع جزئياً أو في القطاع الخاص، إلا أنهم يفضلون الحصول على الخدمة المجانية وبالتالي يأخذون دور وفرصة من يستحق الخدمة المجانية”، مشيراً إلى “تكاليفها الباهظة على الدولة”، تبعاً للتقرير.
التقرير أشار إلى أنّ الندوة وضحت التوجه الرسمي نحو الخصخصة المبطنة للقطاع العام الصحي عبر التشاركية مع القطاع الخاص، مع نوايا واضحة لعزم الحكومة على استكمال إجراءات تخفيض الدعم على هذا القطاع، وتحديداً على مستوى الخدمات المجانية.
نقيب الأطباء غسان فندي صرّح لإذاعة المدينة إف إم المحلية في وقتٍ سابق من الشهر الجاري بأنّه “يعيب المشافي العامة، ولا سيما الأقسام المجانية، سرعة وصول المقتدرين وأصحاب العلاقات أكثر من المرضى الذين يفتقدون هذه الميزات، رغم التأكيد أن القسم الأكبر من خدمات هذه المشافي تذهب إلى الأشخاص الأكثر حاجةً”.
وأضاف: “هناك دراسة بدأت منذ شهر تتجه نحو تحديد بعض الأسعار ليس بهدف الربح وإنما تخفيف خسارة هذه الهيئات، وذلك ضمن الأقسام المدفوعة منها، مع ضمان أن تبقى التسعيرات أقل من تكاليف الخدمة المُقدمة في سبيل استمرار تقديم الخدمات وتحسين جودتها”.
وعندما سُئل عن موضوع رفع الدعم عن القطاع الصحي رد بالقول: “لا يوجد طب مجاني على مستوى العالم بل هناك جهات تمول هذا الأمر سواء حكومية أو جمعيات خيرية، والتوجه اليوم هو في البحث عن الفئة الأكثر حاجة لهذا الدعم وتوجيهه إليهم، وما تبقى من فئات يدفعون بحسب إمكانياتهم بشكل شخصي أو عبر النقابات وغيرها”.
التقرير لفت إلى أنّ تصريحات نقيب الأطباء تدّل على توجهات الحكومة حيال القطاع العام الصحي على مستوى الدعم والخدمات المجانية، وعلى المستوى المادي للخدمات، وعلى مستوى الخصخصة المبطنة.
وتساءل التقرير: “هل معالجة مشكلة وصول المقتدرين للخدمات المجانية تكون من خلال المزيد من إجراءات تخفيض الدعم سيراً نحو إنهائه أم بمعالجة جذور المشكلة الكامنة بانتشار المحسوبيات وتفشي الوساطة واستشراء الفساد؟”.
وبيّن التقرير أنّ الطروحات التفريطية هي نتيجة لمقدمات سبق أن تم العمل عليها رسمياً خلال السنوات الماضية، مشيراً إلى أنّ وضع القطاع الصحي من سيئ إلى أسوأ، من إمكانات محدودة وكوادر قليلة وخدمات متراجعة.
وفقاً للتقرير، فإنّ التوجه التفريطي الرسمي المزمع واسع جداً، فهو لا شك سيُطال المشافي التابعة لوزارة الصحة وكذلك المشافي التابعة لوزارة التعليم العالي، وربما المستوصفات والمراكز الصحية الأخرى التابعة للوزارتين أيضاً، وبشكل انتقائي بما يتناسب مع حجم العائد الاستثماري من كل منها لمصلحة البعض المحظي من المستثمرين.
واختتمت الجريدة تقريرها بأنّ إنهاء الدعم عن القطاع الصحي العام وصولاً إلى زيادة أجور خدماته وتكريس الفرز الطبقي فيها لا ينعكس سلباً على صحة المواطنين المفقرين فقط، بل على القطاعات والفعاليات الاقتصادية والخدمية كافة في البلاد، وكذلك على الكثير من الظواهر والآفات الاجتماعية السلبية التي ستتفاقم وتتعمق أكثر فأكثر.