اختفت مادة المتّة من الأسواق السورية منذ مطلع كانون الأول الجاري، مع وصول المتوفر منها إلى أسعار قياسية وصلت إلى 9 آلاف ليرة سورية للعلبة من حجم 250 غرام.
وبثّ ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لطوابير من الناس تنتظر دورها للحصول على مادة المتة في مدينة يبرود بريف دمشق، في حين قال مراسلو “صوت العاصمة” في دمشق إن المادة اختفت تماماً في معظم المحال التجارية وباتت تُباع في سوق سوداء لدى بعض المحتكرين، حالها كحال المحروقات.
وعزا وزير التجارة الداخلية عمرو سالم في تصريحات له حول الأزمات التي تمر بها مناطق سيطرة النظام السوري، فقدان مادة المتة من الأسواق بأنها ناجمة عن نقص المحروقات اللازمة لتشغيل المعمل.
ضغط على المستورد الوحيد بحجة ضبط السوق
الأحاديث الدائرة في أروقة الوزارات وبين كبار تجار الجملة في الأسواق بحسب مصادر لـ “صوت العاصمة” تُشير إلى أن سبب اختفاء المتة من الأسواق يعود إلى ضغط من وزارتي التجارة الداخلية والمالية على مستوردي المادة من أجل تقديم البيانات الحقيقية لقيمة مستورداته من أجل تكليف ضريبة البيع ووضع سعر للمادة يتناسب مع قيمتها وعدم ترك هامش ربح “غير مناسب” للمصنع، الأمر الذي تسبب بفقدان المادة وارتفاع سعرها في الأسواق.
وأوضح مصدر في وزارة التجارة الداخلية لـ “صوت العاصمة” أنه يمكن تحديد ضريبة البيع دون اللجوء لهذا الضغط الذي أدى إلى فقدان المادة في الأسواق، ويمكن أن تنتهي الأزمة خلال أيام فيما لو كانت مسألة الضرائب والبيانات بين المالية والمستوردين صحيحة، مشيراً إلى أن ما يجري هو “لعبة اقتصادية” وبداية صراع حول استيراد واحدة من أكثر المواد استهلاكاً في السوق السورية، خاصة مع انفراد “كبور وشركاه” باستيراد المادة منذ سنوات طويلة.
مستورد جديد يلوح بالأفق ووسيم قطّان في الواجهة
وقال المصدر المسؤول في وزارة التجارة الداخلية في تسريب لـ “صوت العاصمة” إن ما يجري هو محاولة لإدخال مستورد جديد للمادة، والذي سيؤدي إما لإخراج “مجموعة كبور” من السوق أو خلق منافس لها.
وأشارت المصادر إلى نية رجل الأعمال السوري “وسيم قطّان” الاستحواذ على الوكالة الحصرية لاستيراد المتة إلى سوريا بالاشتراك مع أخيه القنصل الفخري للبارغواي في سوريا والذي بدأ منذ فترة بتوطيد علاقته مع تجار ومزراعيين في البارغواي لتوريد مادة المتة إلى سوريا وإخراج “مجموعة كبور” المالكة لماركة “خارطة” من السوق السورية، او منافستها في حال عدم القدرة على إخراجها كلياً.
ووسيم قطّان رجل أعمال سوري برز اسمه خلال سنوات الحرب السورية، يُقال أنه مقرب من إيران وهي داعمة رئيسية له، ويشغل مناصب في غرف التجارة السورية ورئيس المجلس السوري العُماني، فضلاً عن عدة استثمارات آخرى في دمشق.
“وزير الأزمات” شريك غير مباشر في أزمة المتّة
وبين مصدر “صوت العاصمة ” دور وزير التجارة الداخلية “عمرو سالم” في أزمة المتّة، مشيراً إلى أنه ونافذين آخرين في الوزارة وخارجها يعملون على مساندة قطّان لإخراج كبّور من السوق والانفراد باستيراد المادة إلى سوريا وطرحها في الأسواق.
وقال المصدر إن سيناريو الاندومي والشاي والمعلبات يتكرر في المتة، لإخراج المستوردين من السوق ودخول رجال الحرب الجُدد والمساندين لهم من المسؤولين في تجارة تلك المواد.
وأشار المصدر إلى أن ما يجري الآن يجري الترتيب له منذ أشهر، حين التقى سالم السفير “قطان” ومندوبين عن شركات منتجية للمتة من البارغواي خلال زيارتهم إلى سوريا في أيار الفائت.
وقالت الوزارة حينها في صفحتها عبر فيس بوك، إن لقاء ضمّ أنور قطان ووفداً مندوباً عن شركة selent المنتجة للمتة وجرى الحديث حول إمكانية توريد المادة بأسعار وُصفت بالمنافسة.
خلافات سابقة مع الوزارة وقضية مقتل “حسام كبور”
يعود الخلاف بين وزارة التجارة الداخلية ومجموعة كبور الدولية المستوردة للمتة لعام 2020 حين رفضت الشركة طلب الوزارة بتخفيض سعر علبة المتة.
وفي أيار 2021 نعت غرفة صناعة دمشق رجل الأعمال طبيب الأسنان حسام كبور وهو شقيق مدير عام مجموعة كبور الدولية، بعد العثور عليه مقتولاً في مكتبه بعدة طعنات.
وقالت العائلة لقناة روسيا اليوم حينها أن كاميرات المراقبة كانت معطلة عند باب البناء وفي المكتب، مشيرة إلى أن الامر مخطط له مسبقاً، في حين اكتفت وزارة الداخلية بالإعلان عن مقتل شخص في العقد السادس من العمر بعدة طعنات دون أي إضافات.
