لم يخصص المخطط التنظيمي رقم 106 لحي جوبر الدمشقي الصادر في حزيران الماضي، مقسماً محدداً لإعادة بناء برج المعلمين الذي دمرته قوات النظام في العام 2015 ،إذ أن المحضر رقم 53 في الصحيفة العقارية، الذي كان البرج قائماً عليه، غير ملحوظ في المخطط رقم 106.
وقال موقع “سيريا ريبورت” المختص بـ “حقوق السكن والأراضي والممتلكات” ، إن برج المعلمين كان مكوناً من 12 طابقاً، ويقع على أطراف حي جوبر، ويطل على كل من منطقة الكراجات وحي التجارة وساحة العباسيينK وتعود ملكية البرج إلى الجمعية التعاونية السكنية للمعلمين والعاملين في حقل التربية بمدينة دمشق، المشهرة برقم ترخيص 237 تاريخ 17 حزيران 1974.
وبدأت الجمعية في ثمانينيات القرن الماضي بناء البرج على المحضر رقم 53 في جوبر، وسلّمت الشقق للمكتتبين عليها في العام 2004 وفق نظام الجمعيات السكنية. أي أن البرج كان واقعاً في منطقة منظمة عقارياً، وهو مفرز في المصالح العقارية إلى شقق ملكيتها مسجلة باسم أصحابها.
ويُعتبرُ السكن التعاوني، الذي تنفذه الجمعيات التعاونية السكنية، حلقة مكملة للسكن الاجتماعي الذي تنفذه الجهات العامة. وكانت الجمعيات التعاونية السكنية منضوية في جسم نقابي واحد هو الاتحاد العام للتعاون السكني، الذي تم حلّه بموجب المرسوم التشريعي رقم 37 لعام 2019 بعد 58 عاماً على إنشائه. وحلّت وزارة الأشغال العامة والإسكان محل الاتحاد.
ملكية البرج
وذكر أحد العاملين في التعليم في دمشق لموقع “سيريا ريبورت” ، أن مالكو العقارات في برج المعلمين هم من الموظفين الحكوميين في مجال التعليم، ممن كان اكتتابهم في الجمعية التعاونية بمثابة الاستثمار الأبرز في حياتهم المهنية، وكمكافأة لنهاية الخدمة، وتركة يورثونها لأبنائهم.
وأضاف أن المشكلة الأكبر للمعلمين كانت التأخير في تسليم الشقق للمكتتبين لمدة زادت عن العقدين، واستلم المكتتبون في البرج شققهم فقط في العام 2004، أي بعد تقاعد معظمهم، وبعد استكمالهم دفع ثمن الشقق على أقساط. والملفت، أن أصحاب الشقق بادروا فور استلام شققهم، إلى إصلاحها وترميمها، نتيجة الإكساء السيء.
وتابع الموقع ، أن ارتفاع البرج وموقعه، حوّلاه إلى نقطة استراتيجية تنازعت عليها قوات النظام والمعارضة بين أعوام 2012 إلى 2018. واستولت المعارضة على البرج ما بين العامين 2013-2015، وفشلت محاولات قوات النظام لاستعادته رغم قصفه بالغارات الجوية وقذائف المدفعية والصواريخ، و في شباط 2015، حفرت قوات النظام نفقاً أسفل البرج بعمق 16 متراً وبطول 250متراً وفخخته بالمتفجرات، ثم فجرته، ليتحول البرج إلى أنقاض.
المخطط التنظيمي لحي جوبر الجديد
وكانت محافظة دمشق قد أعلنت في نهاية حزيران 2022، عن صدور المخطط التنظيمي التفصيلي رقم 106 لحي جوبر الدمشقي، وفتحت باب الاعتراض عليه من قبل أصحاب الحقوق. والملفت أن المخطط التنظيمي رقم 106، لم يلحظ وجود مقسم جديد لأصحاب حقوق جمعية المعلمين، وبالتالي عامل البرج كمعاملة عقار مخالف في منطقة عشوائية
ولم تتمكن مصادر سيريا ريبورت من تأكيد إذا ما تقدّم أحد أصحاب الحقوق في برج المعلمين، بالاعتراض على المخطط رقم 106، خلال مهلة الاعتراض المحددة بشهر بعد صدور المخطط.
وتخضع منطقة التنظيم في جوبر إلى قانون التخطيط وعمران المدن رقم 23 لعام 2015. وقد خيّر القانون الجهات الإدارية في معرض تنظيم مناطق المخالفات، أو إعادة تأهيل المناطق التي شهدت كوارثاً أو حروباً؛ إما تطبيق أحكامه، أو تطبيق أحكام قانون الاستملاك، أو تطبيق أحكام قانون التطوير والاستثمار العقاري.
ونص القانون على تشكيل لجنة التوزيع الإجباري، التي كلفها بالسعي ما أمكن لإعطاء كل من أصحاب الحقوق حصته في موقع عقاره القديم أو بالقرب منه. ووفقاً للتوزيع الإجباري، يحصل أصحاب الحقوق ضمن المنطقة التي يجري تنظيمها على أرض معدة للبناء ضمن منطقة التنظيم، كتعويض عن عقاراتهم الأصلية. وتتم إعادة توزيع الأراضي على أصحاب الحقوق، غالباً في غير مواقعها الأصلية، وبعد الاقتطاع منها مجاناً بنسبة قد تصل إلى 40%.
وفي حال تمكن أصحاب الحقوق من الاعتراض، وإثبات حقوقهم، والحصول على أرض جديدة وفق مبدأ التوزيع الإجباري، يجب عليهم بعدها تجميع أنفسهم والتخصص بمقسم جاهز للبناء، ثم البناء على نفقتهم الخاصة. وفي حال وفاة بعض أصحاب الحقوق، فينبغي إجراء حصر إرث بوجود جميع الورثة، أو من ينوب عنهم وفق توكيلات قانونية. ويجب الحصول على موافقة أمنية في الحالتين. ويزيد ذلك من التعقيدات المحتملة في معرض إثبات حقوق السكان السابقين لبرج المعلمين.
المصدر :موقع “سيريا ريبورت”