اقترح خبراء اقتصاديون في سوريا، خلال الأيام القليلة الماضية، خيار حذف “الأصفار” من العملة المحلية، في محاولة لمعالجة التضخم الحاصل في الأسعار، وعجز حكومة النظام عن تدارك الانهيار الشامل.
الباحثة الاقتصادية “رشا سيروب” قالت إن القيام بهذا الإجراء من دون تحقيق الاستقرار السياسي والقانوني والقضائي، والالتزام بالقانون الدولي والتوافق مع التغيرات الدولية، لن يكون غير فعال فحسب، بل سيكون فاشل.
وأضافت سيروب في تصريحات لصحيفة “الوطن” الموالية، أن حذف الأصفار من العملة ليس سياسة اقتصادية، بل إجراء تقني يؤدي إلى تخفيض القيمة الاسمية للعملة المحلية دون تأثير في قيمتها الحقيقية، وذلك من خلال التخلي عن عملة قديمة وظهور عملة جديدة.
وأشارت سيروب إلى أن عشرات الدول لجأت إلى إزالة الأصفار من عملتها للحد من الضغوط التضخمية، لكن ما لبثت أن عادت مشكلة الأصفار بسرعة، فاضطرت لحذف أصفار جديدة.
وأوضحت سيروب أن تطبيق إجراء حذف الأصفار غير ممكن حالياً، بسبب ارتفاع الأسعار المستمر، وعدم استقرار في سعر صرف الليرة السورية، إضافة إلى الإفراط في المعروض النقدي الناجم عن سياسة التمويل بالعجز، وغياب الثقة في أي قرار حكومي.
واعتبرت الباحثة الاقتصادية أن هكذا قرار سيكون مجازفة خطيرة للاقتصاد “قد تؤدي إلى انهياره”، وأن هذا الإجراء يُعتبر تهديد بحد ذاته، بسبب ضعف الثقة بالحكومة وبإجراءاتها وقراراتها، فضلاً عن أن تطبيقه قد يؤدي إلى انتشار حالة من الذعر لدى المواطنين، تدفعهم إلى التخلي عن الليرة السورية بطريقة لا يمكن السيطرة عليها من خلال التوجه إلى الملاذات الآمنة، كالذهب والعقارات والعملات الأجنبية.
وبيّنت سيروب أن توجه الأهالي إلى هذه الخيارات، يؤدي إلى سحب الأموال من النظام المصرفي وتجفيف مصادر السيولة في الاقتصاد ما يفاقم الوضع الاقتصادي ليصبح أكثر سوءاً.
وارتفعت معدلات التضخم الاقتصادي في سوريا بشكل كبير، خلال الفترة من عام 2010 وحتى عام 2020، التي وصلت فيها إلى “معيار التضخم الجامح”، حيث وصلت في عام 2019 بالنسبة لسنة الأساس 2010 ما مقداره 878.3%، وفقاً لدراسة أجرتها جمعية “العلوم الاقتصادية” العام الفائت.