أجرى “مركز السياسات وبحوث العمليات OPC”، بحثاً ميدانياً بمشاركة 12 باحثاً محلياً، استهدف الحياة اليومية في 3 أحياء بالعاصمة دمشق، لجهة العمل والدخل والاستهلاك.
وذكر المركز أمس الثلاثاء 22 حزيران، أنّ ظروف الحياة المعيشية في دمشق باعتبارها عاصمة سوريا وأحد مركزين اقتصاديين رئيسيين فيها يمكن أن تعطي صورة مكثفة عن الحياة في عموما سوريا، ولهذا السبب اتخذت المدينة ميدانًا للدراسة.
ويعيش في محافظة دمشق أكثر من مليون و829 ألف نسمة، وفق إحصاءات الأمم المتحدة في أيار 2020، وهو ما يساوي 10% من سكان سوريا.
وخلصت الدراسة من خلال 600 مقابلة، في أحياء “نهر عيشة (فقير)، الزاهرة (متوسطة الدخل)، وركن الدين (متوسطة إلى مرتفعة الدخل)”، إلى أنّ “مُعدَّل ساعات العمل الأسبوعية في مدينة دمشق من الأعلى في العالم”.
ووصل معدل ساعات العمل للعاملين بدوام كامل في عينة الدراسة إلى 52.5 ساعة أسبوعيا، وهو أعلى من المعدل المسموح به في قانون العمل السوري، وكذلك يعد من الأعلى في العالم، وفق الدراسة، ما يؤثر على الصحة الجسدية والنفسية للعاملين.
أمّا الدخل، فقد صرّح نصف المستجيبين والمستجيبات مستوى دخلهم بالمتوسّط، “فقد تبيَّـن بأنَّ جزءا كبيرا من هذه الفئة قد صرَّح بحجم إنفاقٍ أقل من خطِّ الفقر العالمي”.
كما أظهرتْ مصفوفة الانتـقال بين الأعمال، بين عام 2011 واليوم، زيادةً في الانتـقال للعمل ضمن الوظائف الحكومية ما زاد من نسبة الموظفين في مدينة دمشق.
وقال 25% من المستهدفين بالدراسة إنّ “حوالات الأصدقاء والأقارب خارج سوريا هي أحد المصادر الرئيسية للدَّخل. فيما وصلتْ نسبة مَن أشاروا إلى أنَّ المساعدات العَينية والنقدية المُقدَّمة من المنظمات الإغاثية هي أحد مصادر دخلهم، إلى 41.8%”.
وبحسب الدراسة فإنّ “النِّسب المرتفعة للاعتماد على هذا المصدر في أحياء الطبقة الوسطى والطبقة الوسطى العليا صادمة، إذ قال 37% من المستجيبين والمستجيبات في حي ركن الدين بأنَّ المساعدات المُقدَّمة من منظماتٍ مدنية بشكل عينيٍّ أو نقديٍّ، تُساهم في دخلهم”.
كما تُظهر بيانات الدراسة أنَّ المستجيبات والمستجيبين الذين يقطنون في الحي الأفقر (نهر عيشة) يعتمدون على عددٍ أكبر من مصادر الدخل (42.5% يعتمدون على ثلاثة مصادر للدَّخل)، فيما تعتمد النسب الأكبر من المستجيبين الموجودين في أحياء الزاهرة وركن الدين على مصدرَين للدَّخل، بنسبة 49% و42% على الترتيب.
ونوّهت الدراسة على أنّ “تعدد مصادر الدخل الأكبر بالنسبة لقاطني حي نهر عيشة يمكن إحالته على انخفاض الأجور بالنسبة لهم، ولا يبعـدُ احتمال استفادتهم من المعونات التي تُقدِّمها المنظمات الإغاثية والتي تُركِّز في عملها على الأحياء التي تضمُّ الأقل دخلا في كلِّ منطقة”.
وفي سياق الاستهلاك، لفتت الدراسة إلى أنّ عام 2020 شهد تراجعا كبيرا في استهلاك معظم سكان دمشق من المواد الغذائية كالبيض والدجاج خصوصا لدى أصحاب الدخل المتوسط والمنخفض.
وانخفض استهلاك اللحوم الحمراء لدى الفئة الأعلى دخلا “بعد أن كان استهلاكها إلى حدٍّ ما حِكرا عليهم دون الناس من أصحاب الفئات الأقل دخلا خلال عام 2019″، وفقا للدراسة.
ولم يتوقّع سوى 10% فقط من المستهدفين بالدراسة بأنهم قادرون على تأمين أكثر من نصف احتياجاتهم لشتاء عام 2020-2021 من مادة المازوت لـتدفئة أسَرهم.
وشدّد معدو الدراسة على أنّ “عينة هذه الدراسة لا تمثل بالضرورة مجتمع دمشق الكبير وغير المتجانس بالمعنى الإحصائي للكلمة”.
وأضافوا ضمن مقّدمة الدراسة: “لكنَّ العينة تكتسب قيمتها من كونها تعكس آراءَ وتوجهاتِ وتجارب 600 مستجيبٍ عشوائي من سكان دمشق من الجنسَين، ومن مختـلِف الفئات العمرية والمستويات التعليمية، ومن مستوياتِ معيشةٍ متباينة. فالنتائج التي نخرجُ بها هنا إذًا، تُعبِّـر أكثر عن واقع واتِّجاهات المستجيبين أنفسهم ولا يمكن تعميمُها على كامل مجتمع البحث”.