توفي العميل السري الإسرائيلي والمولود في سوريا، إسحاق شوشان، عن عمر بلغ 96 عاماً، في مستشفى بتل أبيب، حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أمس الثلاثاء 5 كانون الثاني.
ونعى رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك، العميل الذي شارك في تفجيرات ودرّب أجيالاً من المحاربين.
وقال باراك في تغريدة على حسابه في تويتر أواخر الشهر الماضي، إن شوشان أحد “مؤسسي سرب استطلاع هيئة الأركان العامة وأنّ أجيالا من المحاربين تعلّمت تحت قدميه وأنا منهم”.
وأكّدت ابنة العميل أنّ والدها توفي في مستشفى نتيجة إصابته بجلطة دماغية، يوم 28 كانون الأول الماضي.
من حلب إلى فلسطين
وشوشان الذي حمل اسم زكي شاشو، ولد في مدينة حلب عام 1924 لعائلة يهودية تتحدّث العربية، ودرس في مدرسة للغة الفرنسية وتعلّم العبرية.
ودفعت الحركة الصهيونية بـ شاشو الذي كان بعمر 18 عاماً للسفر إلى فلسطين التي كانت حينها خاضعة للانتداب البريطاني، ليتم تجنيده في غضون عامين من قبل القوات اليهودية المقاتلة السرية.
وأرسل شاشو إلى وحدة سرية عرفت باسم الفصيلة العربية، وهي مجموعة من يهود مهاجرين في أغلبهم من الأراضي العربية، ومتّهمة بجمع المعلومات الاستخبارية وتنفيذ عمليات التخريب والقتل المستهدف.
وتلقّنت المجموعة تدريبات استخباراتية تضمّنت اتصالات سرية وتكتيكات الكوماندوز واستخدام المتفجرات ودراسة مكثفة للإسلام والعادات العربية حتى يتاح لهم العيش كعرب دون إثارة الشكوك.
عمليات داخل فلسطين
وأوكلت إلى شاشو مهمة التأكد من مقتل الشيخ من خلال التجمع مع الناس حول السيارة إلّا أنّ الجنود البريطانيون منعوا العامة من الإقتراب من السيارة.
كما نفّذ شوشان/ شاشو عملية تفجير لسيارة مفخخة في مرآب حيفا قال في مقابلة سابقة إنها كانت معدّة لاستهداف مصلحة إسرائيلية، وأسفرت العملية عن مقتل 5 أشخاص على الأقل وإصابة كثيرين.
تاكسي وكشك في بيروت وخطّة لاغتيال الصلح
محطّة شوشان الأولى خارج فلسطين كانت في بيروت، حيث اشترى مع زملائه العلماء كشكاً وسيارة تكسي (أجرة)، لتغطية أنشطتهم الاستخباراتية.
وزرعت الوحدة قنبلة في يخت فاخر يملكه ثري لبناني، قيل للوحدة إنّ أدولف هتلر استخدم هذا اليخت خلال الحرب العالمية الثانية.
ومعلوم أنّ اليهود يعارضون بشدّة ألمانيا النازية التي أسسها هتلر، وذلك بموجب ما يطلقون عليه اسم “المحرقة”، والتي يقولون إنّهم كانوا ضحاياها.
ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز فإنّه كان من المفترض أن يقوم الفريق باغتيال رئيس رئيس الوزراء اللبناني رياض الصلح في كانون الأول 1948.
وبعد أن وضع شوشان خطّة لاغتيال الصلح ومتابعة تحرّكاته، تقرّر إلغاء العملية في اللحظة الأخيرة من قبل كبار القادة الإسرائيليين.
جلس مع ضحاياه
وخلال وجوده في بيروت، التقى شوشان بأقارب القتلى في عملية تفجير مرآب حيفا والتي كان هو منفّذها، وتحدّث أقارب الضحايا بحرية مع شوشان ظنّا منهم أنّهم فلسطيني.
وقال شوشان في كتابه “رجال الأسرار ، رجال الغموض”: ” في بيروت جلس عربي عجوز في مواجهتي ويبكي على ولديه اللذين قتلا في الانفجار الذي شاركت في تنفيذه”.
غيّرت إسرائيل استراتيجيتها في تجنيد الجواسيس اليهود بعد أن تمكّن العرب من القبض على بعضهم وإعدامهم، ومع تغيير الاستراتيجية الإسرائيلية انتدب شوشان عام 1966 إلى جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (موساد)، حتى تقاعده عام 1982.
بعدها اتّجه شوشان إلى تجنيد العملاء العرب وإدارتهم، مشكّلا وحدة تجسس للعمليات الخاصة العسكرية، التي كانت مهمتها جمع المعلومات الاستخباراتية من الدول المعادية من خلال مقاتلين مدربين على أن يكونوا عربا.
ومن بين أعضاء وحدة التجسس تلك، رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، وسلفه إيهود باراك، الذي قاد الوحدة.
ولعب شوشا دورا هاما في بناء قصة الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين، والذي أحدث خرقا في الدائرة الضيّقة للنظام السوري البعثي في ستينيات القرن الماضي، قبل أن يتم اكتشاف أمره وإعدامه في دمشق.