تداولت مواقع محلية، يوم الأربعاء الموافق 2 تشرين الأول، خبراً يُفيد بقيام مجموعات تتبع لميليشيا الدفاع الوطني بدمشق، بدخول المحال التجارية وفرض إتاوات مالية على التجار، وصلت إلى 200 ألف دولار امريكي من أحدهم.
ونقل موقع SY24 عن المحامي بسام طبلية، المقيم في بريطانيا، إن مجموعات من ميليشيا الدفاع الوطني استغلت الفلتان الأمني الحاصل في دمشق، لتُجبر تجارها على دفع مبالغ مالية بحجة دعم الجيش والدفاع الوطني.
وبرر الموقع، الذي نقل عن المحامي، تلك الحادثة، بأنها استكمال للمسرحية التي أطلقها النظام السوري بحجة مكافحة الفساد.
وأشار الموقع إلى هروب عدد كبير من تجار دمشق القديمة خارج سوريا تجنباً لدفع تلك الإتاوات لميليشيا الدفاع الوطني.
وأجرت صوت العاصمة جولة مطولة في أسواق الحريقة، والحميدية، وصولاً للبزورية والعصرونية، والتقت بعض التجار العاملين في المنطقة، لينفوا بدورهم الكلام المتداول عبر الموقع المذكور، حول دخول مجموعات تتبع للدفاع الوطني وإجبار التجار على دفع مبالغ مالية.
ولم يُخف تجار المنطقة تعرضهم لابتزاز منذ عشرات السنين، حين تولى الأسد الأب السلطة، وبسط يد استخباراته في الأسواق، فمن المكتب السري، إلى الضابطة الجمركية، مروراً بمكتب مكافحة غسيل الأموال، وصولاً للفروع الأمنية المسؤولة عن ملاحقة مروجي العملة الصعبة، يضطر التجار حتى اليوم، إلى دفع مبالغ شهرية لتلك الجهات تجنباً لبطشها وضغطها عليهم في تجارتهم.
ويقول أحد تجار الأقمشة المشهورين في سوق الحريقة، إن ميليشيا الدفاع الوطني غير مُصرح لها بدخول المنطقة حتى بغرض الدوريات العسكرية أو إقامة نقاط التفتيش، فالمنطقة بالكامل تحت رعاية الأمن العسكري والأمن الجنائي والجمارك ولا يحق لأي جهة سواء الفرقة الرابعة أو الميليشيات المحلية التدخل في عمل التجار، مُشيراً إلى أن نشاطهم قد يكون في أسواق مناطق تخضع لسيطرتهم في محيط دمشق لا في مركز المدينة القديمة.
ويسخر تاجر آخر، من جملة وردت في التقرير بعد قراءته، والتي تؤكد أن بعض التجار اضطروا للهروب من سوريا بعد إجبار الدفاع الوطني لهم لدفع المال، قائلاً: ” هل يُصدق أحداً أن تاجراً في هذا السوق بعلاقاته الواسعة في غرفتي الصناعة والتجارة، ووجود ضباط المخابرات الذين يُسيطرون على السوق، قد يترك رزقه المقدر بمئات الملايين ويُغادر بسبب مجموعة تتبع لميلشيا لم نعد نسمع باسمها في شوارع دمشق؟ واصفاً الخبر بأنه ضرب من خيال الكاتب.
وتابع التاجر مُعلقاً على جملة وردت في التقرير، بأن الدفاع الوطني أجبر تاجراً على دفع 200 ألف دولار ولم يعطه إيصالاً، فقال: من يستطيع ترك مبلغ 200 ألف دولار في متجره في ظل الظروف الأمنية والاقتصادية؟ ومن ذلك الذي يُعطي إيصالاً بمبلغ مئة مليون ليرة؟! وكيف للكاتب أن يستغرب من كون مافيا مُسلحة اقتحمت محالاً تجارية، وطالبت اصحابها بإتاوات على أن تُعطيهم إيصالات بها؟
وشهدت دمشق فعلاً خلال الأسابيع الماضية، هروب شخصيات محسوبة على تجار كبار في سوريا، أجرى النظام حجزاً احتياطياً على أموالهم وممتلكاتهم، و جاءت عمليات الهروب تجنباً لورود اسمائهم في التحقيقات أو الحجز على أملاكهم ومنعهم من السفر، لكن ذلك لا علاقة له بأسواق دمشق القديمة، وعمل هؤلاء التجار يختص في تجارات ضخمة بعيداً عن التجارة المحلية الموجودة في أسواق الحريقة والحميدية.
وتعيش دمشق حالة من الفوضى الاقتصادية، بعد حملة أطلقها القصر الجمهوري، استهدفت كبار أصحاب رؤوس الأموال في سوريا، والتجار المحسوبين عليهم، صدر عنها قرارات حجز احتياطي طالت مئات الأشخاص، فضلاً عن اعتقال عدد كبير من التجار وإحالتهم للتحقيق بحجة الفساد والكسب غير المشروع للمال.
وتقلص وجود ميليشيا الدفاع الوطني بشكل كبير بعد سيطرة النظام وحليفه الروسي على دمشق وريفها، مُعلنين نهاية العمليات العسكرية فيها، حيث جرى تحويل جزء كبير من عناصرهم إلى الجيش النظامي، وتم حل معظم الميليشيات في دمشق ومحيطها، وإزالة عدد من الحواجز التابعة لها.
جانب من جولة مراسل صوت العاصمة في أسواق الحريقة والحميدية، مساء الأربعاء، الثاني من تشرين الأول/ اكتوبر 2019.