بحث
بحث
الرئيس الشرع والرئيس الأمريكي دونالد ترامب -انترنت

ماذا يريد ترمب من الشرع؟


كل المؤشرات تدل على أن سوريا ليست أولوية في حد ذاتها لإدارة الرئيس دونالد ترمب، وإلى حين بروز سياسة سورية واضحة في البيت الأبيض، يمكن الحديث عن اتجاهين: الأول، يرفض مطلقا التعامل مع الحكم السوري الجديد وينظر إليه من منظور جهادي والتعامل مع التنظيمات المتطرفة والمدرجة على قائمة الإرهاب.

والثاني، يضع قائمة طويلة من المطالب لتلبيتها قبل رفع العقوبات الأميركية والذهاب إلى الكونغرس للتصويت على إلغاء “قانون قيصر”.

ما يجمع بين الاتجاهين أن إدارة ترمب تنظر إلى سوريا من منظور جيوسياسي، وليس من منطلق يخص مطالب الشعب السوري.

صحيح أن الأميركيين يتحدثون عن ضرورة تشكيل “حكومة جامعة” للمكونات السورية واعتماد دستور تعددي وقيام مرحلة انتقالية سلسة تتضمن محاسبة ومساءلة وشفافية وتأسيس جيش مهني يتم فيه إبعاد المقاتلين الأجانب.

إلا أن الأمور التي تهم واشنطن أكثر تتعلق بالقضايا الاستراتيجية ومصالح إسرائيل من جهة والأمن القومي الأميركي من جهة ثانية.

آخر مثال على ذلك، الرسالة التي سُلمت إلى الخارجية السورية خلال مؤتمر المانحين في بروكسل الأسبوع الماضي، إذ تضمنت مجموعة من المطالب الأميركية مقابل تمديد إجازة استثناءات العقوبات لستة أشهر أخرى، وتتضمن هذه القائمة الوصول إلى أسلحة الدمار الشامل والسلاح الكيماوي، والتعاون في الحرب ضد تنظيم الدولة ومنع ظهوره ثانية، وتشكيل فريق سوري للتعاطي مع ملف المفقودين الأميركيين ومعرفة مصير الصحافي الأميركي المفقود آستون تايس.

إضافة لتصنيف “الحرس الثوري الإيراني” مجموعة إرهابية، مع توقعات بإبقاء إيران خارج سوريا، وضبط الحدود مع لبنان، وتشجيع بيروت على توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل، أي الانضمام الى “الاتفاقات الإبراهيمية”.

بالفعل، فإن الإدارة الأميركية تنظر إلى سوريا من منطق تحالف واشنطن مع إسرائيل والعلاقة الخاصة بين ترمب وبنيامين نتنياهو من جهة، ومن منطق خطتها التصعيدية ضد إيران.

والتصريحات التي قالها المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف في مقابلته المطولة مع تاكر كارلسون قبل يومين، عن الرئيس السوري أحمد الشرع تعطي فكرة واضحة عن تصور إدارة ترمب للملف السوري.

ويتكوف بدا معجبا ومدافعا عن التحول الذي قام به الشرع، الذي كان قد وجه رسالة علنية لترمب بعد فوزه بالانتخابات، ثم وضع صديق الرئيس الأميركي، كل ذلك في سياق مشروع “ترمب الثاني” للبنان وسوريا وإيران والشرق الأوسط الجديد وتوسيع “الاتفاقات الإبراهيمية”، واللافت، أن كلام ويتكوف جاء بعد “الاتصال التحولي” بين الرئيس رجب طيب اردوغان وترمب.

ولا شك أن إيران، المحطة الأساسية في مشروع الشرق الأوسط الجديد. وقد بعث ترمب برسالة إلى المرشد علي خامنئي، وأعطاه مهلة 60 يوما للوصول إلى صفقة تتضمن تخلي طهران عن البرنامج النووي العسكري وتغيير سلوكها الإقليمي، وإلا ستلجأ مع إسرائيل إلى خيار عسكري للقضاء على البرنامج النووي.

ما يتوقعه ترمب وفريقه، هو أن تتموضع سوريا-الشرع، حالياً في مشروع الإدارة الأميركية الجديدة للشرق الأوسط بجميع محطاته: محطة غزة بـ”حماس” منزوعة السلاح وإخراج “الغزيين” إلى دول عدة مثل السودان والصومال وأرض الصومال وسوريا.

محطة لبنان واستمرار وقف النار ونشر الجيش في الجنوب وانسحاب ميليشيا “حزب الله” منه، ثم بدء مفاوضات سلام مع إسرائيل، ومحطة إيران والاختيار بين الصفقة النووية أو الضربة العسكرية، والتخلي عن الوكلاء والأذرع بما في ذلك “الحوثيون” في اليمن.

وكذلك، أن تكون سوريا ضمن تحالف تبادل المعلومات الاستخباراتية والحرب ضد تنظيم الدولة والتموضع الإقليمي الجديد وهيكلة الشرق الأوسط وما يتضمنه من تفاوض مع إسرائيل وبحث فكرة السلام بينهما.

هناك مشكلة أساسية في توقعات واشنطن إزاء موقف دمشق من مشروع ترمب للشرق الأوسط الجديد، أنها تأتي في وقت لا تزال فيه إسرائيل في مناطق احتلتها بعد سقوط الأسد نهاية العام الماضي، مثل جبل الشيخ والمنطقة العازلة ومنابع المياه في الجولان، وأنها تواصل توجيه ضربات لأي موقع حيوي استراتيجي يسعى الجيش السوري الجديد لتشغيله.

ما يجري بين أميركا وسوريا، وبين إسرائيل وسوريا، سيكون في الفترة المقبلة، موضوعاً مهماً فيه تقاطعات اقليمية.

المصدر: موقع المجلة