صوت العاصمة – خاص
من شرق المتوسط إلى قبرص وإيطاليا، بدأت عمليات تهريب البشر تتصاعد في صيف 2023 عبر السواحل السورية، كنقطة انطلاق جديدة دون الحاجة للسفر إلى لبنان وتركيا وليبيا، التي تنشط فيها عمليات التهريب نحو أوربا.
انطلق وسيم (شاب ثلاثيني) برفقة 11 من الأصدقاء، بعضهم تعرّف عليه خلال التنسيق للرحلة، عبر باخرة تجارية بداية كانون الأول من عام 2023، ووصل السواحل الإيطالية بعد رحلة غير مباشرة استمرت لأسبوعين.
عشرة آلاف دولار أمريكي للهجرة في يخت سياحي، وستة آلاف عبر رحلة تجارية، مبلغ مقبول يراه القاطنون في مناطق سيطرة النظام، لعملية تهريب بدون عناء استخراج جواز السفر وتأمين موافقة الدخول إلى ليبيا، أو الانتقال إلى لبنان وانتظار موعد الانطلاق، بضعة آلاف من الليرات السورية تضع الراغب في السفر في مدينة اللاذقية بدون أي معوقات.
يخوت آل الأسد
كشفت مصادر خاصة لـ صوت العاصمة أن عمليات الهجرة المحدودة التي تجري من السواحل السورية نحو أوربا، تسيطر عليها جماعات مرتبطة بشخصيات من آل الأسد، فمن قوارب الصيد إلى الرحلات التجارية، مروراً برحلات أكثر رفاهية، عبر يخوت تعود ملكيتها لأفراد في العائلة.
ويقول المصدر العامل في ميناء اللاذقية إن يختاً سياحياً تعود ملكيته لـ “أيهم الأسد” نجل كمال ابن عم بشار، أقل 6 رحلات على الأقل خلال الصيف الفائت، نحو السواحل الإيطالية، بتنسيق لوجستي وتأمين للركاب من قبل حافظ ابن منذر الأسد، ضمن شراكة بين أبناء العمومة تنتهي بالسيطرة على طرق الهجرة غير الشرعية انطلاقاً من السواحل السورية.
يخوت أخرى تعود ملكيتها لآل الأسد، وشخصيات نافذة من عائلات أخرى، تقوم بنقل الركاب من سوريا نحو سواحل إيطاليا، لعدم لفت الانتباه من تكرار القارب ذاته، ولكن جميع الرحلات تجري بالتنسيق وبرعاية حافظ وأيهم الأسد، حتى تلك التي يُستخدم فيها قوارب صيد صغير.
ويرى المصدر أن مرور اليخوت من سوريا نحو الأراضي الأوربية لا يمكن أن يمر بدون تنسيق مع خفر السواحل في المياه الدولية لتمرير اليخوت التي في الغالب تكون مسجلة في دول أخرى وبأسماء أشخاص من جنسيات غير سورية.
حاويات شحن بمواصفات خاصة
على أطراف ميناء اللاذقية، تنشط ورشة لتعديل الحاويات المخصصة لنقل المهاجرين غير الشرعيين عبر السفن التجارية، بإحداث فتحات للتهوية، وإضافة خزان لمياه الشرب ومصباح صغير للإنارة لتضمن بقاء المهاجرين على قيد الحياة لحين الوصول إلى السواحل الإيطالية.
تحدث موقع صوت العاصمة مع مهاجر غادر سوريا صيف 2023 عبر باخرة تجارية، في رحلة استمرت لخمسة أيام وضمن حاوية كانت تضم 35 سورياً جرى نقلهم عبر قوارب صيد صغيرة على دفعات، بعد وصولهم إلى قبالة السواحل الإيطالية.
على بعد تسعة كيلو مترات من مدينة اللاذقية إلى الشمال، يقع منتجع شاليهات “الربيع الأخضر” حيث تجري عمليات تجميع المهاجرين حتى اكتمال العدد المطلوب، والذي يتراوح بين 25 و 35 شخصاً.
ويقول المهاجر الذي وصل إلى أوربا عبر باخرة تجارية، أنه بقي في المنتجع لأسبوعين قبل انطلاق الرحلة، في انتظار اكتمال العدد المطلوب، بدون وسيلة اتصال أو السماح له بالخروج، مع دفع أضعاف المبالغ الحقيقة ثمن الطعام والدخان، حاله حال كل من مكث في نقطة تجمع للتهريب في دولة أخرى، يقول: سمعت تلك القصص من أصدقائي الذين غادروا من مصر وليبيا وتركيا، كنت أظن أن التعامل معهم بهذا السوء نتيجة وجودهم في بلد آخر.
بطريقة مختلفة عن التهريب من بلدان أخرى، هنا يطلب المسؤول عن تنسيق الرحلات نصف المبلغ المتفق عليه، والإبقاء على النصف الآخر لدى وسيط في مدينة اللاذقية، يقوم بتسليمه فور وصول المهاجر إلى الأراضي الأوربية.
ويتحمل المهاجرون تكلفة الإقامة في المنتجع السياحي، وكلفة الطعام خلال فترة الإقامة، فضلاً عن كلفة الطعام الذي سيكون معهم ضمن الحاوية خلال أيام الرحلة.
ويرى أحد الراغبين في الهجرة الصيف المقبل، مع انتهاء التأجيل الدراسي عن الخدمة الإلزامية، أن السفر في الباخرة التجارية أكثر أماناً من اليخت السياحي، من حيث الحجم ووجود مكان للاختباء، ويقول أن صديقه حاول ثلاث مرات الصيف الماضي عبر يخت سياحي حتى نجح في الوصول إلى الأراضي اليونانية.
يتولى جعفر علي أحد العاملين مع حافظ منذ الأسد عمليات استقطاب الراغبين بالسفر وتحضيرهم وتنسيق الأمور المالية، والإشراف على نقلهم إلى نقاط التجمع ومن ثم إلى البواخر أو اليخوت السياحية، فضلاً عن نقله للأشخاص المتوارين عن الأنظار لأسباب أمنية، أو أخرى تتعلق بالخدمة الإلزامية، وتأمين عبورهم عبر الحواجز العسكرية من أي محافظة سورية.
قوارب صيد صغيرة للوصول إلى قبرص
بكلفة أقل المهاجر، وبنسبة خطورة أعلى، انطلقت عشرات القوارب الصغيرة المخصصة للصيد، من سواحل سوريا في صيف 2023 نحو قبرص، حمل كل منها من 10 إلى 15 شخص وصل بعضها إلى قبرص وعاد بعضها الآخر بعد فشل إكمال الطريق.
هناك في قبرص تضع السلطات المهاجرين في مخيمات خاصة حتى استكمال أوراقهم أو إيجاد طريقة للخروج بوثائق مزورة نحو الأراضي الأوربية.
يقول المصدر العامل في ميناء اللاذقية، هذه الرحلات خطرة للغاية وغير مضمونة النتائج، بالرغم من ذلك فقد وصل العشرات إلى قبرص خلال الأشهر الأخيرة.
