سعى النظام السوري عبر نشر مئات التقارير المتعلقة بمكافحة المخدرات في وسائل الإعلام الرسمية إلى إبعاد أصابع الإتهام عنه وتقديم أجهزته الأمنية كقوى فاعلة ضد عصابات صناعة وترويج الكبتاغون.
وبحسب بحث تحليل أعده باحثان في معهد نيولاينز للاستراتيجية السياسية الأمريكية وترجمته منصة مسبار لكشف المعلومات المضللة فإنّ النظام السوري قدم تقارير رسمية إلى مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة UNODC من ضمنها 612 موضوعاً نشرتها وكالة الأنباء الرسمية سانا حملت في عنوانها كلمة “مخدرات” وتراوحت أحداثها بين الاعتقال ومكافحة التهريب والمصادرة.
وأشار البحث إلى أنّ ما لا يقل عن 370 مليون حبة مخدر تم ضبطها في العام 2022 في عموم منطقة حوض المتوسط ومنطقة الخليج العربي مشيرة إلى أنّ مراكز الاستهلاك الإقليمية ومنها المملكة العربية السعودية والأردن والعراق والإمارات العربية المتحدة تعمل على تعزيز قدرتها في مكافحة الكبتاغون وحظره.
وحلل كاتبا البحث نوعية الأدبيات والدراسات ذات الصلة الموجودة وتتبعا أخبار مضبوطات المخدرات المبلَغ عنها من بلدان أخرى في المنطقة بين العامين 2021 و2022 وضيقا نطاق البحث ضمن الأخبار التي حددت فيها الجهة الضابطة بلد أو منطقة منشأ شحنات الكبتاغون رسمياً وبشكل صريح.
وأشار الباحثان إلى أنه تقريرهما لا يسعى إلى تقديم أي تحليل شامل لجميع مضبوطات المخدرات التي تمت في سوريا بسبب وجود قيود كبيرة تحول دون ذلك مثل شفافية البيانات المقدَمة.
ولفت البحث إلى أنّ حكومة النظام السوري أبلغت عن عدد كبير من المضبوطات مقارنة بدول المنطقة الأخرى إلا أن الكميات المضبوطة كانت أقل بكثير.
ولجأت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى إلى تطبيق عقوبات اقتصادية جديدة واستكشاف استراتيجيات شاملة لوقف العرض والطلب مع تراكم الأدلة التي تربط تجارة الكبتاغون بشبكات متحالفة مع نظام بشار الأسد، في حين بحث الشركاء الإقليميون مثل الأردن والسعودية عن طرق لدمج قضية الكبتاغون بمناقشات التطبيع مع نظام الأسد.
بحسب تحليل أخبار سانا فإنّ الإعلام السوري يخلق تصوراً بأن وازرة الداخلية تبذل قصارى جهدها لمعالجة تجارة الكبتاغون بمتوسط 90 ضبطاً على الأقل لجميع أنواع المخدرات سنوياً منذ العام 2019.
وأشارت البيانات إلى ارتفاع حاد في تقارير الدولة عن المضبوطات منذ العام 2018 وتزامن ذلك مع مكاسب إقليمية كبيرة للنظام السوري في الجنوب الذي تحول لاحقاً إلى مركز إنتاج وتهريب للمخدرات ذات الاهتمام المحلي والإقليمي وكذلك مع الانتشار الإقليمي المتزايد للكبتاغون.
وأوضح الباحثان أنهما لاحظا أيضاً انخفاضاً طفيفاً في عدد المضبوطات المبلغ عنها العام 2022 ضمن تغطية سانا للمخدرات لكن لم يتسنَ لهما الوصول إلى ما يفسر الانخفاض في التقارير الإجمالية عن المضبوطات في ذلك العام.
وبلغ عدد مضبوطات الكبتاغون المبلغ عنها في سوريا 36 ضبطاً العام 2022 وهو قريب نسبياً من نظيرتها في أسواق المنطقة مثل المملكة العربية السعودية 31 ضبطاً العام 2022 إلا أن طبيعة هذه المضبوطات تختلف تماماً في ناحيتين تعكسان عدم رغبة النظام في مكافحة المخدرات بصدق.
ورصد الباحثان تنوعاً في نوع وحجم المضبوطات من ناحيتين، الأولى هي أن مضبوطات القنب التي أبلغت عنها سانا بلغت تقريباً ضعف مضبوطات الكبتاغون رغم أن الأخير أكثر ضرراً وربحية وانتشاراً.
والثانية هي أن كميات الحبوب المضبوطة والمبلغ عنها في كل مداهمة كانت أقل بكثير مقارنة بالمضبوطات في دول المنطقة الأخرى على رغم وجود ورشات إنتاج عملاقة في سوريا.
ووجد التقرير أن الرواية العامة للنظام بخصوص المضبوطات غير متسقة ما يعكس الافتقار إلى التنسيق المركزي بين مختلف أذرع الحكومة مشيراً إلى وجود ثغرات في البيانات ترجع إلى نقص التقارير المقدمة من النظام الذي يسعى ليبعد عنه المسؤولية والمساءلة المتعلقة بالتجارة