بحث
بحث
انترنت

هل يتسع هامش المواجهة؟

كافة الأطراف في الحرب الإيرانية – الإسرائيلية يرغبون في البقاء ضمن الإطار المرسوم للمواجهة، وأي تصعيد محدود يكون ضمن الهامش.

بالإمكان قراءة الضربات الإسرائيلية المتصاعدة على سوريا بصفتها “تصعيداً ضمن الهامش المتاح”، أي في السياق المسموح به من سوريا الى إيران وإسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، بما يطرح أسئلة بعيدة المدى عن احتمالات اتساع رُقعة المواجهة حين تتسنى الظروف لذلك، دون المواجهة الشاملة التي يبدو أنها مستبعدة حالياً، بحسب جريدة المدن.

والأساسي هنا أن هجوم مجيدو، وهو نوعياً يُعيد تعريف معادلة الصراع، لم يُقابل بضربة إسرائيلية خارج المألوف، ولكن بتصعيد ضمن الإطار المرسوم حالياً، أي ضمن الأراضي السورية.

ويظهر التدقيق في سياق الضربات أنها تصعيد في وتيرة ونمط العمليات الجارية منذ سنوات، أي أنها ظلت ضمن الهامش الذي رسمته مواجهات السنوات الأخيرة، واتسع مع القصف الجوي على إيران وتسلل انتحاري من الجانب اللبناني الى الشمال الإسرائيلي.

ووقعت ضربات إسرائيلية خلال الشهور الماضية على مواقع في الداخل الإيراني، تلاها بعد أسابيع قصف بالمسيّرات الإيرانية على قاعدة أميركية شرق سوريا، قُتِل فيها متعهد أميركي الجنسية، ومن ثم تسلل انتحاري من لبنان الى مجيدو في شمال إسرائيل، لتقع بعدها سلسلة ضربات إسرائيلية على مواقع إيرانية داخل سوريا.

وتزامنت كل تلك الأحداث خلال الشهور الماضية مع عمليات اغتيال طالت شخصيات قيادية وأمنية، لا يبدو أنها منفصلة عن سياق التصعيد الإسرائيلي الإيراني.

وأعلن الحرس الثوري الإيراني يوم أمس السبت، مقتل النقيب في صفوفه مقداد مهقاني متأثراً بجراحه، ليصير الضابط الإيراني الثاني الذي يُقتل في القصف الاسرائيلي على ضواحي دمشق يوم الجمعة الماضي، مما يُؤسس لمسار تصعيد إضافي.

وهذان القتيلان يُضافان إلى حصيلة غير معلومة للآن في ثلاث غارات متتالية خلال أقل من أسبوع، استهدفت مطار الضبعة في حمص، علاوة على مراكز ومواقع في جبل المانع، وجبل المضيع، ومستودعات الصواريخ “714” بقرية حرجلة في ريف دمشق ونقطة عسكرية تابعة لـ”الفرقة الأولى” في محيط منطقة الكسوة غرب العاصمة دمشق.

كما استهدف سلاح الجو الإسرائيلي قاعدة للدفاع الجوي في محيط دمشق، وموكباً إيرانياً كان في طريقه إلى منطقة المربع الأمني في حيّ كفرسوسة وسط دمشق.

وباتت هناك مؤشرات تربط بين الاغتيالات والتفجيرات في الداخل السوري وتحديداً في دمشق ومحيطها، من جهة، وسلسلة الضربات الجوية الإسرائيلية، من جهة ثانية، بما يجعلها جميعاً تصعيداً متكاملاً على الصعيدين العسكري والأمني.

وهذه الاغتيالات متواصلة منذ العام الماضي، وبدأت في 24 تشرين الثاني مع اغتيال خبير المسيّرات في الحرس الثوري العقيد “داوود جعفري” بعبوة ناسفة قرب منطقة السيدة زينب جنوب دمشق، ومن ثم اغتيال العقيد المهندس “إبراهيم المحمد” المتخصص بالسلاح الكيماوي والمتهم بقصف الغوطة الشرقية وتصميم البراميل المتفجرة في 27 شبا الماضي، بعد تفجير عبوة ناسفة بسيارته في منطقة دف الشوك بريف دمشق.

والمستهدف في الاغتيال الأخير كان “علي رمزي الأسود” القيادي في “سرايا القدس” الجناح العسكري لحركة “الجهاد الإسلامي”، والذي قُتلَ قبل أسبوع بالرصاص في ضاحية قدسيا في ريف دمشق.

وتبدو هذه الاغتيالات مألوفة، وهي سياق من التصعيد بات مقبولاً لدى الجانب الإيراني الذي يعتمد في رده على دعم الفصائل الفلسطينية، وما يحصل في ايران وسوريا، في مقابل التصعيد في الداخل الفلسطيني.

من الواضح في سياق هذا التصعيد أن هناك رغبة لدى كافة الأطراف في البقاء ضمن الإطار المرسوم للمواجهة بين الأطراف المختلفة. بل بالإمكان الحديث عن تفاهمات ضمنية حيال أطر المواجهة، بما يطرح سؤالاً أكبر: هل ما زالت الحرب الشاملة محتملة؟