تلبيةً لدعوات النظام للاجئين بالعودة إلى مدنهم وبلداتهم بعد “تطهيرها من الإرهاب” واستتباب “الأمن” فيها، قرر محمد الدوماني، اللاجئ منذ العام 2012 إلى بعلبك في لبنان، العودة قبل أسبوع إلى بلدته عقربا في ريف دمشق الجنوبي. محمد اعتُقِلَ في نقطة المصنع على الحدود السورية اللبنانية، ونُقِلَ إلى أحد معتقلات الأجهزة الأمنية في دمشق.
قبل عودة واعتقال الدوماني، كان زياد حمودة “أبو وائل”، ومحمد حمودة “أبو زاهر”، قد اعتقلا على حاجز ببيلا–سيدي مقداد التابع لـ”فرع الدوريات–شعبة الأمن العسكري”، ولم يشفع لهما اضطلاعهما بدور أساسي في “لجنة المصالحة” عن بلدة عقربا العاملة في بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم.
الناشط الإعلامي من عقربا وأحد مهجّريها قيس الشامي، يقول لـ”المدن”: “كانا خلال آخر فترة قبل خروج الثوار من مناطق جنوب دمشق إلى الشمال السوري، يعملان بشكل رسمي وغير معلن في اللّجنة”. وأضاف الشامي: “أبو وائل الذي كان قد تسلّم ملف بلدة عقربا كاملاً، صار في الآونة الأخيرة قبل التهجير، اليد اليمنى لعرّاب المصالحة في ببيلا الشيخ أنس الطويل، في ما يخص مصالحة عقربا تحديداً. واجتمعا مرّات مطلع العام الحالي، مع الشيخ أبو الحسن شيخ بلدة عقربا المقيم في التل، بعد دخوله إلى جنوب دمشق بتوصية من النظام، عارضاَ اتفاق المصالحة على ثوار البلدة مقابل تسليم سلاحهم وتسوية أوضاعهم وإعادتهم إلى البلدة”.
الاعتقالات المستمرة من قبل النظام للعائدين إلى “حضن الوطن”، تتعدّى الأسماء المذكورة سابقاً، وتعيد التأكيد مجدداً على استمرار التعاطي الأمني مع السوريين بالعقلية الإفنائية ذاتها، بالرّغم من تكرار النظام إعلامياً دعواته للاجئين والمغتربين بالعودة إلى سوريا، وبدء صفحة جديدة. ويبدو أنّ هذا يأتي في سياق حزمة الإملاءات والتوجيهات الروسيّة للنظام ضمن “مستوى عالٍ من الاهتمام والتركيز على معالجة ملف اللاجئين، وتمكين عودتهم من بلاد اللجوء بعد مساهمتهم الفعّالة بإنهاء الحرب السورية، وتوفير مستوى جيد من الاستقرار في البلاد، نتيجة الدعم المقدّم للسلطة الشرعية، وبفضل الجهود العسكرية والسياسية الكبيرة في هذا الإطار”.
مناخ ما بعد المعركة العسكرية، والبيئة المتصحرة سياسياً وأمنياً وخدماتياً في عقربا التي كانت تخضع لـ”حجر أمني” من قبل النظام رغم أنها تحت قبضته الفعليّة، حالت دون استجابة واسعة لفكرة العودة بين اللاجئين في دول الجوار. وقد تكون نسبة العائدين أعلى بين النازحين داخلياً في مناطق قريبة. وسُجّلت بحسب الشامي، عودة بضعة عشرات من اللاجئين وعائلاتهم، من أصحاب السجلات الأمنية “النظيفة” بالمنطق الأمني. وفيما كانت البلدة تضم قرابة 20 ألف نسمة قبل الثورة، بات يقطنها اليوم قرابة الربع فقط من سكانها الأصليين، بالإضافة إلى مئات العائلات من ضباط النظام والمليشيات الشيعية.
المصدر: جريدة المدن الالكترونية.