قال تحقيق أجرته منظمة مؤسسة مكافحة الجريمة المنظمة والفساد(OCCRP) ومرصد الشبكات السياسية والاقتصادية إن شركة ماليزية هي صاحبة الأغلبية في ملكية المشغل الثالث للهواتف المحمولة في سوريا (وفا تيلكوم) ولها صلات متعددة بالحرس الثوري الإيراني.
وذكر التحقيق إنه حتى عام 2019، كانت الشركة الماليزية مملوكة مباشرة لضابط في الحرس الثوري الإيراني خاضع للعقوبات بسبب تسهيل عمليات بيع نفط لصالح الحرس الثوري، كما يرتبط اثنان من مسؤولي الشركة الماليزيين بشركات فرضت عليها عقوبات غربية لدعمها “الحرس الثوري”
ملكية الشركة وصلاتها بالحرس الثوري
وأضاف يظهر تسجيل الشركة في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية السورية عام 2020، أن مساهميها المدرجين هم رجل أعمال سوري والشركة الماليزية “تيومان جولدن تريجر” التي تأسست عام 2013، ولديها صلات متعددة بـ”الحرس الثوري الإيراني”.
وتظهر السجلات الماليزية التي أوردها المعدون أنه حتى آب 2019، أي قبل نحو عام من تسجيل “إيه بي سي” ABC ، كانت 99 بالمئة من أسهم شركة “تيومان” مملوكة لضابط في “الحرس الثوري” يخضع لعقوبات أميركية يدعى عظيم مونزاوي.
ووصفت الولايات المتحدة “مونزاوي” بأنه “مسؤول في الحرس الثوري الإيراني يسهل مبيعات النفط نيابة عنه بما في ذلك تحديد مدفوعات النفط من شركة الطاقة المملوكة للدولة في فنزويلا، PDVSA.
منح الترخيص للشركة برأسمال منخفض
وأعلن وزير الاتصالات في حكومة النظام السوري، إياد الخطيب، منح ترخيص لمشغل ثالث للهواتف المحمولة في سوريا في شهر شباط من العام الجاري، مؤكدا أنه “وطني بامتياز” ويبلغ رأس مال “وفا تيليكوم” الذي أعلن عنه رسميا عشرة مليارات ليرة سورية، بعدد أسهم يبلغ 100 مليون سهم، قيمة كل منها 100 ليرة سورية.
والمبلغ المذكور وعند مقارنته برأس مال شركتا اتصالات الهواتف غير المحمولة في سوريا الأولى “سيريتل” والثانية “إم تي إن” يتضح أنه لا يساوي شيئا، كما أن قيمته قليلة جدا بالنظر إلى مسار العملة السورية أمام الدولار الأميركي.
بداية دخول “وفا” وتوزيع الحصص
في أعقاب تأسيس شركة المشغل الجديد “وفا” في عام 2017، كانت نحو 48 في المئة من أسهمها مملوكة لشركة سورية تدعى “وفا إنفست”، شارك في تأسيسها مساعد الأسد، يسار إبراهيم، (39عاما)، الذي قالت صحيفة “واشنطن بوست” إنه لعب دورا رئيسيا في الاستحواذ “الشبيه بأسلوب المافيا” على مشغلي الاتصالات في سوريا.
ولم يرد إبراهيم، الذي فرضت عليه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا عقوبات بسبب عمله كوكيل مالي للأسد، على طلبات التعليق المرسلة عبر المكتب الإعلامي الرئاسي السوري.
وفي عام 2021، تم تخفيض حصة “وفا إنفست” إلى 28 بالمئة، وتم منح 20 بالمئة منها لشركة الاتصالات السورية المملوكة للدولة، مما يجعل الحكومة السورية شريكا مباشرا في المشروع.
أما نسبة الـ 52بالمئة المتبقية فكانت في حوزة شركة مبهمة تدعى ” أرابيان بيزنس كومباني” (ABC)، والتي أنشئت في أغسطس 2020في منطقة التجارة الحرة بدمشق، حيث كانت متطلبات الإفصاح محدودة.
ورفض مسؤولون سوريون الكشف عن هوية مالك شركة “إيه بي سي” ABC. وفي تصريحات علنية، وصفوها بأنها “شركة وطنية”، مما يعني ضمنا أنها مملوكة لسوريين، دون أن يقولوا المزيد وتبين بعدها أنها ماليزية على صلات بالحرس الثوري الإيراني
وقال جوزيف ضاهر، الأستاذ في معهد الجامعة الأوروبية، إن تورط شخصيات مرتبطة بإيران في المشغل الجديد أظهرت “النفوذ المتزايد لإيران في الاقتصاد السوري” وتمثل “إلى حد ما خسارة جديدة للسيادة من قبل النظام السوري لصالح حلفائه
“واجهة ووهمية”
ووفق التحقيق كشف مسؤول حكومي سابق على معرفة بقطاع الاتصالات إن شركة “ABC” المالكة للأغلبية في شركة “وفا تيليكوم” قد أنشئت في منطقة التجارة الحرة بدمشق جزئيا لإخفاء تورط طهران.
وأضاف المسؤول السابق الذي لم يكشف عن هويته “لقد فعلوا كل ما يمكن فعله لإخفاء الملكية الإيرانية”.
وأشار المحللون إلى عدة أسباب قد تجعل السلطات الإيرانية حريصة على إخفاء أي استثمار في قطاع الاتصالات السوري، تكمن في تجنب جذب انتباه فارضي العقوبات أو حتى لا تخيف العملاء، الذين قد يكونون حذرين، من استخدام شبكة هاتف تابعة لقوة عسكرية أجنبية.