كشف تحقيق أجراه برنامج أدلة النزاع العابر للحدود عن ارتباط شبكات تهريب البشر بين لبنان وسوريا بالأجهزة الأمنية والعسكرية لنظام الأسد وميليشيا حزب الله اللبناني، والمبالغ التي يتقاضاها العاملون عبر هذه الخطوط مقابل تهريب الأشخاص والعائلات بين البلدين.
دوافع التهريب
وصف التحقيق طرق التهريب بـ”الطرق الأمنية” لكون الفئة التي تسلك هذه الطرق هي من المعارضين السياسيين لنظام الأسد، ومقاتلي المعارضة المسلحين، والأشخاص المطلوبين في القضايا الجنائية الذين صدرت ضدهم مذكرات بحث من الشرطة، وكذلك الفارّين من الخدمة العسكرية الإلزامية أو الاحتياطية، وتتكون هذه الفئة في معظمها من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و50 سنة.
الخط العسكري
وأوضح التحقيق أنّ هناك ثلاث طرق للتهريب، الأول هو “الخط العسكري”، وهو شكل من أشكال تهريب الأشخاص أكثر تكلفة وأقل شيوعاً، وهو ليس الخط العسكري الذي استخدمته القوات السورية خلال الفترة 1976-2005 من الوصاية السورية على لبنان، ولكنه وصفٌ لطريقة تهريب الأشخاص التي يقوم بها أعضاء حزب الله في سياراتهم من خلال معابر غير قانونية محددة. إذ لا يخضع المسافرون عبر هذه “الخطوط العسكرية” لأي رقابة أمنية من جانب أي طرف على جانبي الحدود، وتتراوح تكلفة عملية التهريب هذه بين بيروت ودمشق ما بين 3000 و10,000 دولار، وغالبية الذين يختارون هذا الطريق هم من الأثرياء أو حاملي الجنسية الأجنبية أو السوريين المقيمين في أوروبا بصفة لاجئين والذين يرغبون في زيارة سوريا دون ختم رسمي، إذ يمكن أن يؤدي ذلك إلى فقدانهم لوضعهم كلاجئين.
خط حمص
يلجأ الكثيرون لسلك طرق التهريب في ريف حمص، لكونها أسهل وأقل كلفة، ويستخدم المهربون الحافلات أو السيارات وأحياناً الدراجات النارية لنقل الأشخاص عبر الحدود، وفي عمليات التهريب هذه غالباً ما يجري تهريب مجموعة من العائلات معاً إلى منطقة محددة داخل الأراضي السورية أو اللبنانية.
وتتراوح تكلفة السفر على طرق التهريب هذه بين 100 و150 دولاراً للشخص الواحد، وذلك تبعاً لمكان المغادرة الأول والوجهة المقصودة، في حين تدفع العائلات أسعاراً جماعية مخفّضة، وكثيرا ما تغضُّ قوات الأمن والقوات العسكرية التابعة للنظام السوري وكذلك حزب الله الطرف عن هذا النوع من التهريب ويرضون بالرسوم التي يدفعها لهم المهربون.
خط “شبعا – طفيل”
وأشارت بحوث البرنامج إلى أنّ أكثر طرق التهريب “الأمنية” استخداماً هي الطرقُ المؤدية إلى مدينة شبعا اللبنانية ومدينة طفيل السورية ذهاباً وإياباً، ترتبط شبكات التهريب العاملة على كِلا الطريقين بميليشيا حزب الله، حيث تنقل الأشخاص من شبعا أو طفيل إلى المناطق الداخلية اللبنانية، وغالباً ما يزداد الطلب على تهريب الأشخاص على طول هذه الطرق مع تهديد قوات النظام السوري بتنفيذ عمليات عسكرية ضد مناطق المصالحة في ريف دمشق ودرعا والقنيطرة، حيث يلجأ عشرات الأشخاص الذين رفضوا المصالحة أو المطلوبين من قبل النظام إلى الهرب عبر هذه الطريق.
الطرق الوعرة
ويلجأ الكثيرون إلى طرق التهريب التي يعمل بها أبناء المناطق الحدودية، وتتّسمُ هذه الطرق بكونها أكثر وعورةً، ما يتطلب من أولئك الذين يعبرون الحدود بهذه الطريقة القيام بذلك إما عن طريق المشي أو ركوب الدواب، وكذلك من خلال مرافقة المهربين أو المرشدين لهم، كما وتصل تكلفة العبور من هذه المناطق إلى 1000 دولار للشخص الواحد، وترتفع التكلفة تبعاً لعاملين اثنين هما درجة أهمية الشخص الذي يجري تهريبه بالنسبة إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية للنظام السوري، ومكان مغادرته الأول ووجهته.
وأضاف أنّ الأساليب المستخدمة لتهريب شخص ما بين سوريا ولبنان تخلف تبعاً للوضع الأمني للشخص وحالته المادية، وحين يكون الوضع الأمني للشخص أكثر تعقيداً تتغير طريقة التهريب ويزداد السعر، منوهاً أن لدى شبكات التهريب قائمة أسعار موحدة لمختلف أنواع المخاوف الأمنية، من التهم الجنائية إلى الملاحقة من قبل الأجهزة الأمنية والعسكرية، ويبدو أن بالإمكان تهريب أي شخص عبر الحدود إذا دفع السعر المناسب، بصرف النظر عن مدى معارضته للنظام السوري أو حزب الله وبصرف النظر عن الجناية التي ربما يكون ارتكبها.
الخطف على الحدود
وذكر التحقيق أن عمليات خطف تطال بعض الأشخاص الذي يسلكون طرق تهريب غير التي تعمل بها شبكات منظمة، وتحدث معظم عمليات الاختطاف في حمص، على طرق التهريب الأسهل، وفي هذه الحالات عادةً ما يبيع المهربون الأشخاص لعصابات الاختطاف التي تتفاوض مع أقاربهم لدفع الفدية، وبعد دفع الفدية قد تقدم لهم العصابة الخيار إمّا بالعودة إلى سوريا أو بمواصلة عملية التهريب إلى لبنان.