نقل المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل عن ضابط إسرائيلي كبير أن الحرب في سوريا انتهت عملياً بحلول بداية 2022، “وبعد أن انقشع غبار المعارك، تم خلط الأوراق من جديد، والأسد يقيم سوريا من جديد أمام أنظارنا”.
ويسيطر رئيس النظام السوري بشار الأسد على معظم الأراضي السورية، لكن تقرير هرئيل أشار إلى وجود ثلاث مناطق سيطرة أخرى، تركية في الشمال وكردية في الشمال الشرقي والبادية الشرقية ومنظمات المتمردين وبينهم “داعش” والقاعدة عند الحدود مع العراق والأردن، حسبما ترجم موقع المدن.
ويلفت التقرير إلى تقديرات للاستخبارات الإسرائيلية تشير إلى أنه جرت تغيرات ديمغرافية في سوريا. “قرابة ثلث السكان في المناطق التي يسيطر عليها النظام هم علويون، أي أكثر من ضعفي نسبتهم قبل نشوب الحرب. ونحو 10 في المئة من الشيعة، بينما كانت نسبتهم 3 في المئة قبل الحرب. وهذه هزّة حقيقية ستؤثر بشكل كبير على سير الأمور في هذه الدولة. وملايين اللاجئين السُنة الذين تفرقوا أثناء الحرب، إلى الدول المجاورة ودول أوروبية، لن يُسمح لهم بالعودة”.
وأضاف التقرير أن هذه التغيرات الديمغرافية تُمكن لنظام الأسد من الاعتماد على “ولاء طائفي” من جانب قرابة نصف السكان في المنطقة التي يسيطر عليها. “ويتعاون النظام مع مجهود إيراني لجلب سكان شيعة من أنحاء الشرق الأوسط إلى سوريا، وفي بعض الحالات، هي عائلات مقاتلين في ميليشيات شيعية شاركت في الحرب إلى جانب النظام”، بحسب التقرير.
ولا تزال هجرة السوريين السنة إلى خارج البلاد مستمرة، وخاصة من منطقة درعا، التي استسلمت للنظام في العام 2018، “بعد تهديد روسي بقصف شديد، كالذي جرى في المدن التي تحصن فيها المتمردون في شمال سوريا. ويبذل النظام جهداً خاصاً من أجل إسكان هذه المنطقة بسكان يتماثلون معه”.
وتابع التقرير أن “حزب الله” أقام في المنطقة غير المحتلة من الجولان “مواقع مراقبة وقواعد جمع معلومات استخباراتية، بمساعدة الحرس الثوري الإيراني وشبكات من سكان هذه المنطقة”. ويقصف الجيش الإسرائيلي هذه المواقع بين حين وآخر، بالطائرات وبقذائف مدفعية وبنيران قناصة، كونها قريبة من خط وقف إطلاق النار في الجولان المحتل.
وأشار التقرير إلى الضائقة التي يواجهها الدروز في سوريا، وإلى أن وضعهم أدى إلى تراجع تأييد الدروز في الجولان للنظام السوري، “لكن سيطرة النظام مجدداً في جنوب سوريا من شأنها أن تؤدي إلى محاولات من جانب دمشق للعودة إلى زيادة تأثيرها على الدروز في الجولان. ويتوقع أن يتعالى مجدداً السؤال حول من المهيمن هناك، إسرائيل أم سوريا؟”.
وتثير الضائقة الاقتصادية في جبل الدروز قلقاً بين الدروز في إسرائيل أيضاً، الذين جرت بينهم مبادرات لتقديم مساعدات للدروز في سوريا. وأشار التقرير إلى أن هذه الخطوة مرتبطة بخلافات داخل الطائفة الدرزية في إسرائيل واعتبرت أنها “محاولة لإحراج الزعيم الروحي للطائفة الشيخ موفق طريف”.
وكان طريف قد زار موسكو الأسبوع الماضي، حيث التقى مسؤولين في وزارة الخارجية الروسية. وطالب الوفد روسيا بالتأثير على نظام الأسد من أجل لجم ممارساته ضد الدروز في سوريا. وزار طريف روسيا مرتين، في العامين 2018 و2020، على الخلفية نفسها، وبعلم وزارة الخارجية الإسرائيلية.
وتوجه أعضاء كنيست من الطائفة الدرزية إلى وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس طالبين فتح معبر القنيطرة من أجل نقل شحنات إغاثة للدروز في سوريا. لكن الجيش الإسرائيلي والشاباك “تحفظا على خلفية خشية من استغلال السوريين والإيرانيين فتح المعبر كي يبادروا لخطوات تآمرية بين الدروز في الجولان”. ولم يتم نقل هذه المساعدات حتى الآن.