توقعت صحيفة “فزغلياد” الروسية في مقالة كتبها يفغيني كروتيكوف، حدوث نزاع بين أجهزة الاستخبارات السورية، والشرطة العسكرية الروسية على خلفية ما وصفه ب”التعاطي الليبرالي المفرط” من قبل الروس مع المقاتلين السوريين المعارضين.
ويقول الكاتب، إن بوادر ذلك النزاع تلوح في الأفق في أعقاب العدد الكبير من المناطق التي باتت تسيطر عليها الشرطة العسكرية الروسية، إذ لم ترجع السلطة في تلك المناطق إلى دمشق بعد “تحريرها من المقاتلين”.
ويعتبر الكاتب أن تلك السياسة التي تتبعها موسكو، ناجمة عن خشية أن تقوم “المخابرات والشبيحة” بعمليات تطهير لطالما هددوا بها سابقاً، وكانوا ميالين لها خلال العام الأول من الأزمة السورية. ويقول إن سكان البلدات والمناطق التي شملتها “اتفاقات المصالحة” باتوا يثقون بالروس، ولا يعترضون على سياسة الانغلاق عن المحيط، التي تفرضها الشرطة العسكرية الروسية في مناطقهم.
ويؤكد الكاتب أن تلك الاستراتيجية أخذت مساراً أكثر وضوحاً بعد دخول الشرطة العسكرية الروسية إلى الجزء الشرقي من مدينة حلب، حيث كانت قوة ضامنة لمنع حدوث عمليات انتقام ضد السكان المتبقين هناك، وذلك مهدّ، إلى حد كبير، لسمعة طيبة لشرطة روسيا العسكرية في مناطق كثيرة في دمشق ومحيطها.
لكن برغم ذلك، يقول الكاتب إن تلك السياسة أحدثت خللاً في عملية مكافحة التجسس، وفتحت ثغرات لتسلل عناصر قد تعمل لصالح أجندات أخرى. فعلى سبيل المثال، أصبح من السهل جداً على أي شخص يدعي فقدان أوراقه الثبوتية أن يتوجه إلى الشرطة العسكرية الروسية ويقول لهم إن اسمه كذا، فيعطونه أوراقاً بأختام روسية تؤهله للحصول على المساعدات والتحرك بحرية في المناطق الخاضعة “لاتفاقات المصالحة”.
تلك الاستراتيجية لا يبدو أنها ترضي طرفاً في دمشق. يوضح الكاتب، أن ذلك الطرف هو أجهزة الاستخبارات السورية. وفقاً لمعلومات حصلت عليها “فزغلياد” فإن التذمر أصبح واضحاً في صفوف أجهزة الاستخبارات، لأنها فقدت ثقلها السياسي في الأوساط الحكومية السورية مع تضييق دائرة عملها من قبل الشرطة العسكرية الروسية، وذلك تسبب في منافسة شديدة بين مختلف الجماعات الأمنية في دمشق.
ويختم الكاتب بالقول، إن هذه التجربة التي قد تواجهها موسكو تبدو أصعب من العملية العسكرية بحد ذاتها، ففي مقابل سعيها إلى إحياء الإدارة المدنية مجدداً ومعرفتها جيداً ما يمكن أن يؤدي إليه ترك تلك المناطق من دون إدارة مدنية، يسعى فريق جماعات الاستخبارات السورية إلى العنف، فهم لا يبدو أنهم اقتنعوا بعد بفكرة أن حل كل شيء عن طريق الشبيحة والدبابة قد تم تجاوزه.
المصدر: وكالات