أكدت صحيفة إسرائيلية، أن صفقات الغاز الإسرائيلي مع الأردن، الذي يستخدمه في إنتاج الكهرباء وتزويد لبنان بجزء منها، لن تنجح في إبعاد إيران من سوريا ولا من لبنان، خاصة في ظل إمكانية دخول الغاز الإيراني السوق العالمية بقوة.
وقالت صحيفة “هآرتس/ ذي ماركر” في مقال نشرته للكاتب تسفي برئيل، إنه رغم نفي الإدارة الأمريكية وجود اتفاق لبيع تل أبيب الغاز إلى لبنان، إلا أن “الزبد ما زال يطفو فوق الماء، واتفاق لنقل الغاز من مصر والكهرباء من الأردن لسوريا ومن هناك إلى لبنان، وقع في تشرين الأول الماضي”، وفقاً لما ترجمه موقع عربي 21.
صنبور المساعدات:
وبحسب الاتفاق المذكور، “ستنقل مصر الغاز إلى لبنان عبر أنبوب الغاز العربي الذي يمر من سيناء مرورا بالعقبة ومنها لحمص في سوريا ومن هناك إلى لبنان، وفي موازاة ذلك، مع استكمال ترميم خطوط الكهرباء بين الأردن وسوريا ولبنان فستبيع عمان الكهرباء إلى بيروت”.
وأشارت إلى أن “خطة الاتفاق تمت مناقشتها بين مصر والأردن وسوريا ولبنان والولايات المتحدة في تموز/ يوليو الماضي، كما أنه اتفق على أن تقتطع سوريا حصة بنسبة 10 في المئة من كمية الغاز المصري و8 في المئة من الكهرباء التي ستمر في أراضيها”.
وشددت الصحيفة على أن “الولايات المتحدة أرسلت رسالة مصادقة لمصر والأردن، جاء فيها أنه يمكنها تحويل الغاز والكهرباء دون الخوف من العقاب على خرقها للعقوبات (ضد سوريا ولبنان)، وبقي فقط انتظار ترميم أنبوب الغاز في الجزء السوري، وفي كل هذه التفاصيل، إسرائيل يتم إبلاغها ولكنها لم تكن طرفا في الاتفاق”.
ولفتت إلى أن “الغاز الذي تبيعه إسرائيل للأردن يستخدمه لإنتاج الكهرباء التي جزء منها سينقل إلى لبنان؛ لكن إسرائيل والأردن وبالأحرى لبنان، لم توقعا على اتفاق ينص على أنه سيتم الفصل بين غاز وغاز، فالغاز الإسرائيلي لن يستخدم لإنتاج كهرباء أردنية سيتم تحويلها إلى لبنان، لأنه ببساطة لا توجد طريقة عملية لتنفيذ هذا الفصل”.
وأفادت “هآرتس/ ذي ماركر”، بأن “الدفع مقابل الغاز والكهرباء سيتم عن طريق صندوق النقد الدولي، الذي لم يعثر بعد على حل لمسألة تسديد القرض الذي سيمنح إلى لبنان”، و”الطريقة المقترحة، هي الدفع للأردن ومصر مباشرة حسب احتساب كمية الكهرباء والغاز وليس عبر لبنان، وإجبار لبنان على تنفيذ إصلاحات اقتصادية تمكنه من فتح صنبور المساعدات الخارجية”.
ولفتت إلى أن “التقارير حول اتفاق الغاز بين إسرائيل ولبنان، أوضحت أنه استهدف تقليص نفوذ إيران في لبنان وسوريا، وتقليص نفوذ حزب الله في لبنان”، مضيفة بلغة ساخرة أنه “فقط ينقص التقدير الذي بحسبه الاتفاق سيقود لسلام عالمي، أو على الأقل يخفف من الاحتباس الحراري في الكرة الأرضية”.
ونبهت إلى أن “تأثير إيران في لبنان لا يستند لصهاريج النفط المنفردة التي أرسلتها في أيلول/ سبتمبر الماضي لميناء بانياس السوري، بناء على طلب من حزب الله، وحتى الولايات المتحدة هزت الرأس ولم تمنعها”، موضحة أن “حزب الله عندما سمع عن اتفاق لتصدير الغاز والكهرباء من مصر والأردن لم يعارض، وحافظ على صمته عندما كتب أن الكهرباء الأردنية المخصصة للبنان يتم إنتاجها بغاز إسرائيلي، وسبب ذلك، أن استقرار لبنان هو مصلحة مشتركة لحزب الله وإيران وسوريا وأيضا لإسرائيل”.
الغاز الإيراني
وزعمت “هآرتس/ ذي ماركر” أن “الحديث الحثيث عن المطالبة بمقابل سياسي أو عسكري مقابل موافقة إسرائيل على تحويل الغاز إلى لبنان، هو أمر لا أساس له، ليس فقط لأن إسرائيل لا تبيع الغاز إلى لبنان، بل لأنها لا تستطيع أن تفرض الفيتو على بيعه من الأردن ومصر، وبالأساس عندما تكون الولايات المتحدة هي التي هندست هذا الاتفاق بينهم”.
ورأت أن من يحلمون ويتخيلون شرق أوسط فيه الغاز الإسرائيلي يغير أنظمة ويبني تحالفات ويهز حزب الله ويبعد إيران من سوريا، هؤلاء يجدر بهم الاستعداد لدخول إيران لسوق الغاز العالمية، وخاصة السوق الأوروبية”، مؤكدة أن “اكتشاف إيران لحقل غاز ضخم، يضعها على رأس قائمة الدول المنتجة للغاز في المنطقة”.
وتحدثت وزارة الطاقة الإيرانية، عن إمكانية توفير 20 في المئة من احتياجات أوروبا للغاز، منوهة إلى أنه “في حال تم التوصل لاتفاق نووي جديد، ومع رفع العقوبات، فإن إيران يمكنها أن تشكل بالنسبة لأوروبا مزودة النفط البديلة عن روسيا، أو على الأقل تقليص اعتماد أوروبا على الغاز الروسي”.
وقدرت الصحيفة، أن “بناء بديل إيراني يتوقع أن يواجه عدة عقبات من الصعب اجتيازها، وإيران وقعت على اتفاق استراتيجي مع الصين لمدة 25 عاما، في إطاره ستحظى الصين بأفضلية في التزود بالنفط والغاز الإيراني بأسعار مخفضة مقابل استثمارات صينية بمئات مليارات الدولارات”.
وبينت أن “الاتفاق الاستراتيجي الذي اتفقت إيران وروسيا على تمديده هذا الشهر، سيقيد قدرة منافسة إيران مع روسيا في السوق الأوروبية، حيث إن روسيا تعتبر أنبوب غازها إلى أوروبا ليس فقط ذخرا اقتصاديا، بل رافعة سياسية واستراتيجية حيوية، وهي لن تسمح لأي دولة بإبعادها عن هذه الساحة الربحية”.
وإضافة لما سبق، فإنه “ينقص إيران مرافق ووسائل لإسالة الغاز بصورة ستعيق قدرتها على التنافس في سوق الغاز السائل، كما أن طهران تحتاج لتنفيذ اصلاحات عميقة في صورة استخدام غازها الطبيعي، الذي يخدم الآن بالأساس احتياجاتها الداخلية”.
وقالت: “حتى لو تم تسويق الغاز الإيراني لأوروبا، فإن هذا الآن هو نظري، بالأساس بسبب العقوبات الأمريكية، وإيران تنوي أن تزيد بصورة كبيرة استخراج الغاز في 2022 وأن تصبح لاعبة مهمة في سوق الغاز في وسط آسيا، والاتفاق الثلاثي لتزويد الغاز الذي وقع في تشرين الثاني بينها وبين تركمانستان وأذربيجان، واتفاق التزويد بينها وبين تركيا، تضمن أن احتياطي الغاز الضخم المدفون في أراضيها وفي بحر قزوين سيجد أسواقا جديدة”.
ورجحت “هآرتس/ ذي ماركر”، أنه “في حال رفع العقوبات، فإن إيران تستطيع أن تبيع أو تمنح بالمجان الغاز وبكميات كبيرة إلى لبنان، وتضمن بذلك نفوذها السياسي-الاقتصادي في هذه الدولة، وحتى أنها تجعل من شراء الغاز والكهرباء من مصر والأردن أمرا غير ضروري، وبناء على ذلك فإننا نقترح عدم حبس الأنفاس قبل طرد إيران من سوريا ولبنان بمساعدة أبخرة الغاز الإسرائيلي”.