بحث
بحث
سوريان يبكيان على أنقاض المنازل المدمرة في سوريا ـ جيتي

توجه أوروبي لاستخدام” الذكاء الاصطناعي” لإثبات جرائم الحرب في سوريا

الذكاء الاصطناعي يمكن أن يفضي إلى نتائج غير مسبوقة بخصوص أسماء القادة المسؤولين عن جرائم الحرب

كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، عن توجه أوروبي وأممي لاستخدام “الذكاء الاصطناعي” كأداة حاسمة للجماعات التي تسعى إلى تحقيق العدالة بشأن “جرائم الحرب” المرتكبة في سوريا.

وقالت الصحيفة إن استخدام الذكاء الاصطناعي يمكن أن يفضي إلى نتائج غير مسبوقة بخصوص أسماء القادة المسؤولين عن جرائم الحرب، مشيرة إلى أن الصراع السوري هو الحرب الأكثر توثيقاً في التاريخ، وأن الكم الهائل من الأدلة لا يترجم بسهولة إلى مساءلة عن الجرائم المرتكبة في أثناء الحرب.

واعتبرت الأمم المتحدة والسلطات الأوروبية أن التحول إلى استخدام الذكاء الاصطناعي يُساعد في معالجة البيانات وتنظيمها وتحليلها، إضافة لتقليل الوقت الذي يقضيه المحققون البشريون في فرز ومشاهدة الآلاف من مقاطع الفيديو والصور.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مصادرها، أن خوارزميات “الذكاء الاصطناعي” تساعد في التعرف على الأشياء، وإيجاد جميع البيانات ذات الصلة بسلاح معين للمساعدة في حالة معينة، فضلاً عن المساهمة في تجميع مقاطع الفيديو لنفس الحادث والتخلص من النسخ المكررة أو الصور غير ذات الصلة.

ومن جهتها، قالت رئيسة هيئة الأمم المتحدة المكلفة بجمع المعلومات السورية “كاثرين مارشي أوهيل” إن الهيئة لديها استخدام للتكنولوجيا لالتقاط المعلومات ونشرها على حد سواء، مشيرةً إلى أن مشروع “مايكروسوفت” للذكاء الاصطناعي المخصص للعمل الإنساني شريك في البحث عن أدلة على استخدام الذخائر العنقودية خلال الحرب السورية، إلى جانب مؤسسة “Benetech” غير الربحية.

وأكملت شركة “مايكروسوفت” تطوير نظام لتحديد الأسلحة في مقاطع الفيديو المتعلقة بالذخائر العنقودية العام الماضي، بتكلفة بلغت 40 مليون دولار أمريكي، حيث يمكن للنظام اكتشاف تلك المقاطع من الصوت المميز لهذه القنابل.

ولفتت الصحيفة إلى أن “هادي الخطيب” مؤسس منظمة حقوقية مستقلة تعمل على أرشفة الأدلة منذ بداية النزاع تحمل اسم “الأرشيف السوري”، أراد تجميع قاعدة بيانات قابلة للبحث عن جميع هجمات الذخائر العنقودية، آملاً أن تساعد قاعدة البيانات في بناء قضية بأن النظام السوري وداعمه العسكري الأكبر، روسيا، استخدما أسلحة محظورة دولياً أثناء الصراع، عبر تحليل جرائم الحرب في سوريا، إلا أن ذلك كان من المستحيل على فريق الخطيب الصغير، كونه يتطلب فرز أكثر من 1.5 مليون مقطع فيديو للعثور على الفيديوهات المتعلقة باستخدام القنابل العنقودية.

ولجأ الخطيب إلى مهندس البرمجيات “آدم هارفي”، قائد مشروع “VFRAME” مفتوح المصدر الذي يركز على استخدام التعلم الآلي لتعزيز العمل في مجال حقوق الإنسان، لبناء كاشف ذكاء اصطناعي قادر على مثل هذا البحث، والذي توقع بدوره أنه بصدد مهمة تشفير على قدم المساواة مع إنشاء خوارزميات للبحث عن الصور في “غوغل” بهدف تحليل جرائم الحرب في سوريا باستخدام الذكاء الاصطناعي، لكنه أدرك أنه يفتقد عنصراً حاسماً لتدريب الذكاء الاصطناعي، وهذا العنصر يتمثل في إدخال مجموعة كافية من الصور والفيديوهات للقنابل العنقودية.

ونقلت الصحيفة عن “هارفي” قوله: “عند البحث عن هذه العناصر المحددة في تحقيقات حقوق الإنسان، ليس لديك الكثير منها مثل صور القطط على الإنترنت”، مبيّنة أنه أمضى أكثر من عام في إنشاء بيانات تركيبية بما في ذلك صور ثنائية الأبعاد تهدف إلى تكرار البيئات الظاهرة في سوريا، واستخدام نماذج ثلاثية الأبعاد لإعادة إنشاء مقاطع فيديو ما بعد الانفجار في مواقع مختلفة في جميع أنحاء ألمانيا.

ومن جهته، قال المشرف على إدارة نظم المعلومات في الآلية الدولية “كيث هياث”: “مقاطع الفيديو لا تتحدث عن نفسها، فبغض النظر عن مدى دقة الفيديو، لن يفوز الفيديو أو يخسر قضايا في جرائم حرب”، مضيفاً: “لا يمكن أن تظهر مقاطع الفيديو مدى انتشار الهجمات الممنهجة”، لافتاً إلى أنه من دون استخدام التكنولوجيا في عملية تحليل جرائم الحرب في سوريا “لن تكون هناك طريقة للقيام بذلك”.

وأوضح هياث أن الآلية الدولية تستخدم برنامج التعلم الآلي لمسح مئات الآلاف من المستندات باللغة العربية، ومعظمها صور ذات جودة منخفضة، لاستخراج الأنماط ذات الصلة بجرائم الحرب، مثل الطوابع الرسمية أو الأوراق المرفقة بإمضاءات، لأنه عند بناء القضايا، يحتاج المحققون ليس فقط إلى إثبات الأدلة على ارتكاب جرائم حرب، والتي غالباً ما توجد بشكل مقاطع فيديو وصور، بل أيضاً لإثبات التسلسل القيادي الذي أدى إلى هذه الجرائم، وهو ما يوجد غالباً في الوثائق المهربة خارج سوريا.

وختم هياث: “إنها الطريقة الوحيدة التي ستتاح فيها للأمم المتحدة فرصة لفهم صراع معقد مثل ما يجري في سوريا، وأن الأمر أكبر من أن تفعله بالطريقة القديمة”، وهو ما يشبهه أعضاء الآلية الدولية بالبحث عن إبرة في كومة من القش.

وبالمقارنة مع الكم الهائل من الأدلة الإلكترونية من الصراع السوري، كان لدى المحكمة الدولية للحرب في يوغوسلافيا السابقة حوالي 9 ملايين وثيقة، وكان ذلك كافياً ليلائم التخزين في قرص صلب حديث.

ويضم فريق الآلية الدولية الذي يعمل في القضية السورية “ضباط اكتشاف إلكتروني”، بالإضافة إلى محامين ومحققين ومحللين. وبعض هؤلاء، مثل القاضية الفرنسية السابقة مارشي أوهيل، عملوا في المحكمة الدولية ليوغوسلافيا السابقة.