بحث
بحث
لاجئ سوري يصبح حلاق لأبرز نجوم كرة القدم في السويد
لاجئ سوري يصبح حلاق لأبرز نجوم كرة القدم في السويد - الكومبس

لاجئ سوري يُصبح حلاق لأبرز نجوم كرة القدم في السويد

محمد حاج عثمان، الشهير بـ(عثمان)، شاب ثلاثيني، سوري الجنسية، من مدينة جبلة بمحافظة اللاذقية. وصل أوروبا لاجئاً قبل عدة سنوات، غريباً لا يملك سوى حقيبة صغيرة على ظهره وأحلاماً غير كبيرة. لكنه بالعمل والمثابرة والثقة بالنفس، استطاع أن يصبح اسماً لامعاً في مجال الحلاقة.

فرض نجاحه، من خلال أعماله التي لفتت له الأنظار، جاعلة منه مطلباً لعديد نجوم كرة القدم السويدية والعالمية، وضيفاً دائماً على وسائل الإعلام المحلية، غزا القلوب بفنه ومهارته في عمله.

للحديث أكثر حول موهبته المميزة، ومسيرته الاستثنائية، (الكومبس)، حلت ضيفاً على (عثمان)، في صالونه الذي أمسى محرابه الفني، مجرية معه مقابلة حصرية، في نص الحوار التالي:

كيف كانت خطواتك الأولى مع مهنة الحلاقة في بلدك؟
في صغري، أرسلني والدي رحمه الله للعمل عند خالي في صالون الحلاقة الذي يديره، لكني لم أحب المهنة بداية الأمر، لذا تركتها بعد وقت قصير، متفرغاً للدراسة، كان حلمي آنذاك التخصص في مجال الملاحة البحرية لأصبح قبطان سفينة، كما حلمت بامتلاك مقهى على الطراز الإيطالي.

حدثنا باختصار عن بعض تفاصيل رحلتك إلى أوروبا؟
بداية سنة 2015، انطلقت من مدينة مرسين التركية متجهاً إلى إيطاليا، على متن باخرة نقل بضائع كبيرة تقل في مستودعها حوالي 500 مهاجر غير شرعي، خلال الأيام الثلاثة الأخيرة واجهناً شُحاً في الماء والطعام، كما أصابنا الضغط العصبي والتوتر والإرهاق، ناهيك أن كثيراً من الناس كانوا يركبون البحر للمرة الأولى في حياتهم، ما أصابهم بالتوعك، لكنا وصلنا وجهتنا في الوقت المناسب، قبل وقوع كارثة أكبر.

كيف بدأت مسيرتك المهنية في السويد؟
وما العوائق التي واجهتها؟عندما استقر بي الحال أخيراً في السويد، أقمت مدة 15 شهراً بمدينة (فيشروم) التابعة لمقاطعة كالمار، هناك بدأت أحاول الاختلاط بالسويديين ومصادقتهم لتعلم لغتهم ولعب كرة القدم معهم، كما تعلمت بعض مبادئ الحلاقة.

كان طموحي ذلك الوقت استكمال دراستي، إلا أن فترة انتظاري لقرار إقامتي طالت كثيراً، ما اضطرني إلى التفكير باستغلال هذا الوقت في العمل، بحثت حتى وجدت فرصة للتدريب على العمل كحلاق، مدة ستة أشهر، في صالون أحد أصدقائي بمدينة (فمربي)، البعيدة عن محل سكني ساعتين تقريباً. تعلمت خلالها أصول فن الحلاقة وأسلوب التعامل مع الزبائن وأجدت اللغة السويدية أكثر.

بعد أن أصدر مكتب الهجرة قراره بمنحي حق الإقامة، قضى مكتب العمل نقل محل سكني إلى مدينة ستوكهولم. شعرت حينها بالتردد والحيرة خوفاً من فكرة الانتقال، لكني حزمت في النهاية أمري، موافقاً على الانتقال للعيش بالعاصمة، حيث الناس أكثر والطموح يصبح أكبر.

في ستوكهولم انتهزت فرصة ثانية أتيحت للتدريب على الحلاقة وتصفيف الشعر داخل إحدى الصالونات بتوصية من صديق أخر، ذلك إن قصات الشعر الرائجة هنا شبابية وأكثر عصرية ومتعددة الأشكال، خلافاً لمدينة (فمربي)، التي كان أغلب زبائنها من فئة كبار السن، الذين يفضلون دائماً قصات شعر تقليدية، ما جعلني أحرز تطوراً كبيراً في عملي، حتى أعجب صاحب الصالون بأدائي جداً ووظفني للعمل معه بشكل دائم.

كيف ذاع صيتك بين نجوم كرة القدم السويديين؟
أنا أحب لعبة كرة القدم كثيراً وأتابع مباريات الدوري السويدي باستمرار، ما جعلني أفاجأ لدى رؤيتي كثير نجوم كرة القدم السويدية الذين أشاهدهم على التلفاز يأتون للحلاقة عندنا.

بدأت أحلق للاعبين شعورهم فتبدوا عليهم أمارات السعادة والرضا، ثم يعودون للحلاقة عندي مرة أخرى، جالبين معهم مزيداً من زملائهم، طالبين مني دون غيري، أن أحلق لهم شعورهم بنفس الطريقة، أو بطرق أخرى جديدة. هكذا استمر اللاعبون يوصون ويدلون بعضهم إلى الصالون الذي أعمل فيه، جراء سمعتي الطيبة، قائلين: “اذهب للحلاقة عند عثمان.. إنه ماهر”، حتى ذاع صيتي بينهم وأمسى أشهر نجوم كبار أندية كرة القدم في ستوكهولم اليوم يأتون للحلاقة عندي شخصياً.

كيف بدأت للتعامل مع نجوم كرة القدم العالمية كذلك؟
كان من أبرز نجوم كرة القدم الذين يقصون شعورهم عندي، لاعب نادي (همربي) السابق، نجم المنتخب العراقي ومحترف الدوري الكرواتي حالياً (جيلوان حمد).

في أحد الأيام جاء بطل (كوبا أمريكا) آنذاك، منتخب تشيلي الأول لكرة القدم إلى مدينة ستوكهولم لخوض مباراة ودية أمام نظيره السويدي، فقصد (جيلوان) الفندق الذي يقيم فيه لاعبو تشيلي بغية زيارة زميله السابق بنادي (مالمو) ونجم نادي (هانوفر الألماني) حالياً (ميكو البورنوز)، عندما لاحظ هذا الأخير قصة شعر (جيلوان) الجديدة راح يثني عليها كثيراً، مستفسراً عن صاحبها، ثم سأله عن إمكانية حضوري إلى الفندق وعمل قصات شعر جديدة للاعبي الفريق.

ما كاد (جيلوان) يتصل بي عارضاً الفكرة، حتى قبلت على الفور وانطلقت مباشرة نحو الفندق، حالقاً شعر جميع اللاعبين كما طلبوا. عندما انهيت عملي، تبدت السعادة واضحة على وجوههم وغمروني بالشكر، مرددين كلاماً طيباً كثيراً في حقي.

لما رأى لاعبي أندية كرة القدم السويدية الممتازة في ستوكهولم صوري على الإنستغرام رفقة نجوم منتخب تشيلي إذ أَحّلق لهم وأقف إلى جوارهم، بدأوا يتوافدون عندي بدورهم أكثر من ذي قبل، حتى تطور الأمر وباتت تردني اتصالات لحجز مواعيد حلاقة من لاعبين سويديين يقيمون خارج البلاد كذلك.

مَن أبرز نجوم كرة القدم الذين تعاملت معهم؟
أبرز أولئك النجوم، أليكسيس سانشير (إنتر ميلان الإيطالي)، كلاوديو برافو (مانشستر سيتي الإنجليزي)، آرتورو فيدال (برشلونة الإسباني)، ميكو البورنوز (هانوفر الألماني)، تشارليز أرانجيز (باير ليفركوزن الألماني)، إيريك بولغار (فيورنتينا الإيطالي)، ماوريسيو إيسلا (فناربخشة التركي)، غاري ميدل (بولونيا الإيطالي)، إدواردو فارغاس (تيجريس أونال المكسيكي)، جيلوان حمد (جوريتسا الكرواتي)، إضافة إلى كثير نجوم الدوري السويدي الممتاز، على رأسهم لاعبي أندية النخبة في ستوكهولم، مثل (أيك سولنا)، (يورغودينس) و(همربي).

ما الذي ينشده نجوم كرة القدم في حلاقِّهم ووجدوه عندك؟
إن أغلب نجوم الرياضة عموماً يريدون قصات شعر ملفتة للانتباه، تظهرهم بشكل جميل ومميز أمام عدسات التصوير، لذا قمت باستغلال هذه النقطة بالذات وركزت على الاهتمام بدقة التفاصيل لإرضائهم.

ما الذي يميز أسلوبك ليجعلك حلاَّق نجوم كرة القدم المفضل؟
أكثر ما جعل اللاعبين يفضلون الحلاقة عندي هو مهارتي وسمعتي الطيبة وذيوع صيتي بينهم، مع التزامي كامل الدقة والاحترافية في العمل دائماً.

ما طموحاتك وأحلامك المستقبلية على الصعيد المهني؟
أنا أعشق كرة القدم وأتمنى أن تبقى لدي تلك الحماسة والطاقة الإيجابية لاستمرار على نفس المنوال دائماً، لأن الحلاقة بالنسبة لي ليست مجرد عمل، إنها هواية ممتعة استيقظ باكراً لممارسها متجاهلاً طول الوقت، دون الشعور بأي ضغوط أو تعب أو ملل، حتى أجرؤ على القول إن استمتاعي بعملي يجعلني أتمنى عدم انتهاء ساعات دوامي.

أما حلمي، الحلاقة للاعبي منتخب السويد الأول لكرة القدم، قبل مشاركتهم في إحدى التظاهرات الرياضية الكبرى، مثل نهائيات كأس العالم، أو كأس أمم أوروبا، ليشاهد الناس من كل بلاد الدنيا حجم موهبتي.

المصدر: الكومبس