دعت منظمات سورية معنية بضحايا الاعتقال والاختفاء القسري في سوريا إلى وضع آلية دولية مستقلة، ذات طبيعة إنسانية، لمواجهة أزمة الاعتقال والاختفاء القسري في سوريا.
وأعدّت عشر روابط وجمعيات، تمثّل عائلات ضحايا الاعتقال والاختفاء القسري، ورقة، قالت إنها “تأتي بمثابة تتويج لأنشطة المناصرة المستمرة التي تقوم بها منذ العام 2021”.
وشددت المنظمات على أن الاعتقال والاختفاء القسري “يعدُّ من المكونات الجوهرية لنظام القمع والترهيب الذي يفرضه النظام السوري، وغيره من أطراف النزاع في عموم البلاد، ويمثلان أحد الأسباب الرئيسية للجوء والتهجير، ويشكلان عقبة أمام العودة الآمنة والكريمة والطوعية للسوريين إلى وطنهم”.
وبينت المنظمات أنه “في جميع النزاعات، يشكّل الاختفاء القسري أحد أهم العقبات التي تحول دون إحلال السلام، ومن ثم أحد أكبر التحديات التي تعترض سبيل العدالة الانتقالية الحقيقية في المراحل اللاحقة”.
وأشارت إلى أن “معالجة هذه الأزمة في سوريا، تسهم في إيجاد حل لواحدة من أكثر المشكلات إلحاحاً وصعوبة، مشكلة ما تزال تتسبب في مدى هائل من المعاناة التي يكتوي بنارها السوريون في الداخل والخارج”.
إخفاق دولي
ورأت تلك الروابط والجمعيات السورية إلى أن جميع الجهود، بما فيها جهود الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، وجامعة الدول العربية، والآلية الدولية المحايدة والمستقلة، ومنظمات المجتمع المدني، والجهود ضمن “مسار أستانا”، أخفقت في التعامل مع الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب كممارسات
واقترحت الجمعيات تشكيل آلية دولية مستقلة ذات طبيعة إنسانية، لمواجهة أزمة الاعتقال والاختفاء القسري في سوريا، يكون هدفها إيجاد الحلول حيث فشلت المبادرات الأخرى، عن طريق الكشف عن مصير المعتقلين والمختفين قسرياً، باستخدام تقنيات متعددة لجمع المعلومات، والإفراج عمن لا يزال حياً منهم، والبحث عن أماكن دفن الموتى منهم، واستخراج رفاتهم والتثبت من هويتهم ومن ثم ضمان تسليم رفاتهم إلى ذويهم.
وأوضحت أنه “من شأن الإفراج عن المعتقلين والكشف عن مصير المختفين قسراً، وتسليم رفات الضحايا الذين قضوا إلى عائلاتهم، أن يشكل خطوة أولى على طريق إنصاف الضحايا، وإعمال حقهم في الكشف عن الحقيقة ومعرفة مصيرهم، وتعزيز جهود السلام في سوريا”، مضيفة أن “الكشف عن مصير المختفين قسرياً يعني وضع حد للألم الذي تعيشه آلاف الأسر السورية، والسماح لهذه الأسر بالانتقال من حالة الانتظار غير المعلوم إلى حالة الانتظار الطبيعي وحالة الحزن والرثاء الطبيعية”.
وأشارت الروابط والجمعيات السورية إلى أن التصدي لأزمة الاعتقال والاختفاء القسري في سوريا “يشكل خطوة شجاعة نحو إحلال السلام المحتمل المستدام في البلاد”، لافتة إلى أن وجود آلية تكشف مصير المفقودين والمختفين قسراً “يضمن عدم تكرار جريمة الإخفاء القسري وتوثيقها”.
طابع إنساني وولاية عالمية
وأكدت الروابط والجمعيات على ضرورة أن تكون الآلية الدولية المستقلة المقترحة ذات طابع إنساني، وولاية عالمية، كي تعمل على الكشف عن مصير المختفين قسراً، وتحديد أماكن وجودهم، وتسليم رفاتهم إلى ذويهم.
وأضافت أنه ينبغي لهذه الآلية أن تكون دولية لأسباب عملية وقانونية، موضحة أنه “مع أن المسؤولية الأساسية في معالجة مشكلة الاختفاء القسري تقع على عاتق الدولة، إلا أنها أيبضاً من ضمن مسؤوليات المجتمع الدولي، الذي اتخذ عدداً من الخطوات الرامية إلى منعها”.
ودعت الروابط والجمعيات إلى إنشاء هذه الآلية في أسرع وقت ممكن، مشددة على أنه “يجب على هذه الآلية العمل على الكشف عن مصير المختفين قسراً بينما هم على قيد الحياة، وليس الانتظار لحين وفاتهم”.
وأكدت على أن البحث عن جثث من مات منهم، وتحديد هوياتهم، وتسليم رفاتهم لأهاليهم، سيزداد صعوبة بمرور الوقت، بسبب صعوبة جمع بيانات ما قبل الوفاة، جراء تحلل الجثث أو التلاعب المتعمد أو غير المتعمد بمواقع الدفن”.
ووقعت على الورقة كل من “رابطة عائلات قيصر”، و”عائلات من أجل الحرية”، و”تحالف عائلات المختطفين لدى تنظيم الدولة الإسلامية”، و”مبادرة تعافي”، و”رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا”، و”رابطة تآزر للضحايا”، ومنظمة “حررني”، و”رابطة معتقلي عدرا”، و”الاتحاد العام للمعتقلين والمعتقلات”، و”عائلات للحقيقة والعدالة”.