اعتقلت السلطات التركية في عملية أمنية، الاثنين 27 كانون الثاني، شاباً سورياً وبحوزته كتاب أثري، مكتوب عليه باللغة العبرية على جلد غزال.
صحيفة “حرييت” التركية قالت إن عناصر من فرع مكافحة التهريب اعتقلت الشاب في منطقة إنغول بولاية بورصة، شمالي غربي تركيا، بعد اتصال أحد عناصر الشرطة التركية به، وإيهامه أنه تاجر آثار ويريد أن يرى القطع الأثرية التي بحوزته، ليتم بعدها القاء القبض عليه بعد معرفة مكان سكنه.
وأضافت الصحيفة أن الشاب حُوّل إلى أحد سجون الولاية بانتظار محاكمته، بينما سُلم الكتاب الأثري إلى مديرية الثقافة والسياحة في بورصة لفحصه، مشيرةً إلى أنه تم تقييم الكتاب بشكل مبدئي، وتبين أن سعره قد يصل إلى 2.5 مليون دولار، ويعتقد أنه جزء من الكنوز الأثرية التي تم نهبها من كنيس “آلياهو هالامي” اليهودي في حي جوبر، وهُرّبت من سوريا إلى تركيا بهدف بيعها.
وسبق وأن ألقى الأمن التركي القبض على خمسة أشخاص، بينهم أربعة سوريين، بحوزتهم نسختين قديمتين من التوراة، منقوشٌ عليها بالذهب، وقطع ومخطوطات أثرية، تعود ملكيتها للكنيس اليهودي. تلك الحادثة كانت سبباً رئيسياً في تدهور العلاقات بين مجلس جوبر المحلي و”فيلق الرحمن”، الذي يتهمه كثيرون بأنه يتاجر بقطع الكنيس الأثرية، التي أُودعت لديه في عام 2015 من قبل المجلس، بغرض حمايتها.
وحسب ناشطين، فإن ثلاثة ممن اعتقلهم الأمن التركي كانوا يرتبطون بـ “الفيلق”، ما يعني وجود صلة مباشرة له في القضية، أو على الأقل معرفة بألية وصول الآثار إلى حوزة المتورطين، وهو ما نفاه قادة في الفيلق حينها، حيث تبرئوا من أي علاقة بالقضية، مدّعين أن تلك القطع لم يكونوا بعهدة “الفيلق”، وأن “قضية آثار الكنيس متشعبة، ويوجد فيها يدٌ لأطراف متعددة”.
صحيفة المدن اللبنانية نقلت عن مصادر وصفتها بـ “الخاصة” قولها إن قائد “فيلق الرحمن” عبد الناصر شمير “أهدى مسدساً وسيارة لضابط روسي، عند خروجه من الغوطة الشرقية، ليتغاضى الضابط الروسي عن ثلاث حافلات قيل إنها تحتوي على أسلحة ثقيلة، ويُظن أن عناصر الفيلق أخفوا في تلك الحافلات، قطع أثار من ممتلكات الكنيس، وقطعاً ذهبية كانوا قد صادروها عند اعتقال عناصر داعش في الغوطة عام 2015، وأخرى تم العثور عليها في بلدة المحمدية. وفعلاً، تمكن شمير من تأمين خروج الباصات وبقي مضمون ومصير محتواها مجهولاً”.
جميع الاتهامات التي وُجهت لـ “الفيلق”، جاءت بناء على سيطرته على حي جوبر لفترة طويلة، وتحديداً على الكنيس اليهودي، الذي كان أبرز معلمٍ أثريٍ ضمن قطاعه. ويقال إن الكنيس هو الأقدم في العالم، بناه النبي إلياس عام 720 قبل الميلاد، وفيه مقام الخضر، وكان يحتوي على أقدم نسخة توراة في العالم وعلى عشرات الكتب العبرية القديمة، والقطع اليهودية الأثرية، التي كانت محفوظة في مكاتب من فضة، وكان فيه لوحات قديمة وسجاد قديم تتخلله خيوط ذهبية. في العام 2014 عُثر فيه على مكتبة قديمة كانت مخفاة بين أربعة جدران، كشفها سقوط إحدى قذائف النظام على الكنيس.
وكان حي جوبر الدمشقي يعد تجمعاً كبيراً لليهود السوريين، الذين استمروا بزيارة الكنيس، أيام السبت، حتى بداية الثورة. وتعذر بعد ذلك الوصول إليه، خاصة أن بطاقات هوية اليهود السوريين ممهورة باللون الأحمر، بكلمة “موسوي”، ما يشكل عليهم خطراً أمنياً. واكتفى القائم على الكنيس، بزيارته على الدراجة الهوائية، في أيام معينة من الأسبوع.