كشفت مصادر مطلعة لوكالة “رويترز” أن الحكومة السورية ارتكبت خطأ في تفسير الرسائل الأميركية المتعلقة بمبدأ إدارة الدولة بشكل مركزي، مما دفعها لنشر قوات في محافظة السويداء الأسبوع الماضي ظناً منها بأنها تحظى بضوء أخضر ضمني من الولايات المتحدة وإسرائيل، الأمر الذي أدى إلى تصعيد أمني مفاجئ.
وأوضحت المصادر، التي شملت مسؤولين سياسيين وعسكريين سوريين ودبلوماسيين ومصادر أمنية إقليمية، أن دمشق اعتمدت على تصريحات خاصة وعامة للمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، ومحادثات أمنية أولية مع إسرائيل، اعتقدت من خلالها أن بإمكانها نشر قوات في الجنوب دون مواجهة رد إسرائيلي.
وجاء في هذه التصريحات الدعوة إلى إدارة سوريا كدولة واحدة مركزية، بلا مناطق حكم ذاتي للأقليات، وهو ما فُهم خطأ على أنه دعم مباشر لفرض السيطرة بالقوة على محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية.
وبحسب تقرير “رويترز” فإنه رغم التحذيرات الإسرائيلية المتكررة، أرسلت دمشق قوات برية ومدرعات إلى السويداء في محاولة للسيطرة على الاقتتال الداخلي بين القبائل والفصائل المسلحة في الطائفة الدرزية، ما أثار ردود فعل عسكرية إسرائيلية تضمنت ضربات على مواقع للقوات السورية في الجنوب وعلى العاصمة دمشق.
ونفى مسؤول في الخارجية السورية أن تكون تصريحات المبعوث الأميركي قد أثرت على قرار نشر القوات، مؤكداً أن القرار كان “بناءً على اعتبارات وطنية بحتة” وهدفه حماية المدنيين ووقف إراقة الدماء.
وشدد على أن عملية السويداء “لم تكن تهدف إلى الانتقام أو التصعيد، بل إلى الحفاظ على السلم ووحدة البلاد”، مشيراً إلى أن القوات السورية مستعدة لإعادة الانتشار في المنطقة عندما تتوفر الظروف المناسبة، بما في ذلك ضمانات أميركية واضحة بعدم تدخل إسرائيل.
ونقلت “رويترز” عن مسؤول خليجي رفيع المستوى قوله إن الحكومة السورية “ارتكبت خطأً كبيراً” في تعاملها مع ملف السويداء، متهماً القوات السورية بارتكاب انتهاكات شملت القتل والإهانة بحق أبناء الطائفة الدرزية.
وأشار المسؤول الخليجي ومصدر آخر إلى أن هذه الانتهاكات وفرت لإسرائيل فرصة للتدخل بقوة.
وأكد مصدر استخباري إقليمي أن الرئيس الشرع “لم يكن مسيطراً على مجريات الأحداث، بسبب غياب الانضباط في صفوف الجيش، واعتماده على جماعات مسلحة متعددة الخلفيات، كثير منها يحمل توجهاً إسلامياً”.
وفي وقت سابق، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن إسرائيل كثّفت هجماتها على مواقع للنظام السوري في محافظة السويداء، مؤكداً استمرار العمليات حتى تُفهم الرسالة.
وأشار كاتس إلى أن الغارات جاءت رداً على “الاعتداءات ضد المواطنين الدروز في سوريا”، محذراً من رفع وتيرة الهجمات إذا لم يتوقف العنف.
واستهدفت الغارات هيئة الأركان العامة في دمشق ومحيط قصر الشعب، بحسب المتحدث باسم الجيش، أفيخاي أدرعي، الذي أكد أن العملية تمت بتوجيهات سياسية ومتابعة التطورات المتعلقة بالدروز.