بحث
بحث
قوى الأمن العام تجري عمليات تسوية لأوضاع عناصر من جيش نظام الأسد في بلدة بيت جن بريف دمشق – صوت العاصمة

سوريا ما بعد الأسد: إرث المخبرين يعقّد طريق المصالحة

دخلت سوريا مرحلة جديدة من التحول السياسي بعد سقوط نظام بشار الأسد، لكن آثار الدولة الأمنية التي حكمت لعقود لا تزال حاضرة بقوة، لتضيف تحديات جديدة إلى مرحلة ما بعد الحرب.

يسلط تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” الضوء على فترة نظام الأسد الذي سعى إلى زرع الانقسام داخل المجتمع السوري وتمزيق النسيج الاجتماعي عبر شبكة المخبرين التي أحاطت بالبلاد لعقود.

ويطالعنا التقرير على مشاهد من حي التضامن جنوب دمشق، الذي كان يُروّج له كنموذج للتعايش، طفت إلى السطح قضايا قديمة من الخيانة والوشاية.

وأحد أبرز الأمثلة ظهرت في قصة عائلتين متجاورتين: المغربي والبرابري. موسى وأحمد المغربي، وهما شقيقان كانا من ضحايا الاعتقال، يتهمان جارهم السابق أبو أيمن البرابري، صاحب المخبز، بأنه كان مخبراً لدى الأجهزة الأمنية، وتسبب بإدانتهم وتعذيبهم.

وبعد سقوط النظام، غادر أبو أيمن إلى لبنان، تاركاً أبناءه في الحي وسط موجة من الغضب الشعبي. أولاده يحاولون اليوم الدفاع عنه، مدّعين أن والدهم كان مكرهاً على التعاون مع النظام، وأنه تصرف تحت التهديد المباشر، بحسب “واشنطن بوست”.

وأشار التقرير الذي نشرته الصحيفة إلى لقاءات مع ناشطين محليين في دمشق ودرعا أكدوا فيها أن “الخوف لم ينتهِ بعد”، فالمجتمع لا يزال مشحوناً بالتوتر، والانقسام بين من انحاز للثورة ومن وقف مع النظام ما زال عميقاً، ومع انتشار وثائق أمنية عبر الإنترنت تكشف هوية العديد من المخبرين، ظهرت موجة من “العدالة الشعبية”، وصلت أحياناً إلى انتقام فردي.

ونقلت عن مسؤول في الحكومة السورية (لم تكشف عن اسمه)، أقرّ بأن المصالحة الوطنية لا يمكن أن تتحقق بسهولة، مشيراً إلى أن العمل جارٍ لوضع إطار لعدالة انتقالية متوازنة، لكنه أكد أن “القوانين وحدها لا تكفي، فالمجتمع نفسه بحاجة إلى شفاء طويل الأمد”.

وفي هذه الأثناء، تواصل الحكومة الجديدة برئاسة الشرع جهودها لإطلاق عملية إعادة إعمار طموحة، وسط وعود بأن “سوريا الحلم” تقترب، وأن “القادم أعظم”. لكن واقع الانقسامات الاجتماعية وندوب الماضي يفرض على البلاد تحديات كبيرة في طريقها نحو التعافي والوحدة.