قالت جريدة محلية إنّ المرسوم الذي أصدره بشار الأسد الأحد 5 أيار الجاري بالسماح للقطاع الخاص بالاستثمار في صناعة التبغ وشرائه يُعتبر إدانة مباشرة للقطاع العام والمسؤولين عن إدارته.
وبحسب تقرير لجريدة قاسيون، فإنّ المرسوم يُحقّق فائدة للمزارعين، كما “يُحقّق تطويراً لهذه الصناعة عبر خلق بيئة تنافسية محوكمة في عمليات الشراء والتصنيع والتسويق”.
وأشار التقرير إلى أنّ الحديث عن منافسة في عمليات الشراء والتصنيع والتسويق فهو منافسة مع المؤسسة العامة للتبغ مع مستثمري القطاع الخاص عملياً، مع عدم ضمان تحقيق الفائدة من قبل المزارعين.
ونوّه التقرير إلى أنّ المؤسسة العامة للتبغ تُعتبر من المؤسسات الاقتصادية العامة الرابحة، فهي تُغطي قيمة محاصيل التبغ سنوياً من إيراداتها، وتقوم بتصنيع جزء منه من خلال معامل إنتاج السجائر الوطنية بمختلف مسمياتها وأنواعها، كما تستفيد من مخلفات التبغ في المعامل بعد تخميرها لإعادة بيعها للمزارعين كسماد، كما تصدر جزءاً من المحصول خاماً، بالإضافة إلى تصديرها بعض أنواع السجائر المصنعة في معاملها.
ولم تصدر التعليمات التنفيذية للمرسوم بعد، لكن هناك بعض التصريحات الرسمية التي توضح بعض حيثياتها، إذ قال وزير الصناعة إنّ وزارته سوف تصدير التعليمات وبعد إقرارها يُصبح من المتاح أمام القطاع الخاص شراء التبغ من المزارعين لغاية التصنيع.
ووفقاً للتقرير، فإنّ تصريحات الوزير يعني أنّ “حصرية شراء المحصول من قبل المؤسسة العامة للتبغ تم كسرها لصالح القطاع الخاص أيضاً، وليس التصنيع فقط، وبالتالي ستدخل حيز المنافسة مع القطاع الخاص بشراء المحصول من المزارعين، وربما بأحسن الحالات فإنّ ما ستحصل عليه المؤسسة من محصول التبغ لاحقاً هي كميات ضئيلة وبمواصفات وجودة متدنية”.
ورأى التقرير أنّ الأمر لم يقف عند ذلك فقط، فقد نوّه وزير الصناعة إلى وجود خبرة كبيرة في تصنيع التبغ من قبل المؤسسة العامة للتبغ التي تنتج عدة أنواع، وهناك خبرة متراكمة من قبل الفنيين من الممكن استفادة القطاع الخاص الراغب في الاستثمار منها ضمن في هذا المجال.
ولفت التقرير إلى أنّ المنافسة مع القطاع الخاص لن تقف عند حدود شراء التبغ من المزارعين، ولا عند المنافسة على المنتجات المصنعة في السوق المحلية، بل وحتى على استقطاب الخبرات المتراكمة لدى فنيي المؤسسة العامة للتبغ، ومن غير المستغرب بعد ذلك أن تفقد مؤسسة التبغ خبراءها وفنييها تباعاً.
ونشر التقرير بيانات صادرة عن المكتب المركزي للإحصاء أنّ المساحة المزروعة بالتبغ عام 2017 بلغت 9,3 ألف هكتار بكمية إنتاج 14,1 ألف طن، وفي عام 2018 بلغت المساحة المزروعة 9,1 ألف هكتار بكمية إنتاج 14,0 ألف طن.
أما في عام 2019 بلغت المساحة 8,9 ألف هكتار بكمية إنتاج 13,3 ألف طن، وفي عام 2020 بلغت المساحة 9,6 ألف هكتار وكمية الإنتاج 18,7 ألف طن، وعام 2021 بلغت المساحة 8,0 ألف هكتار وكمية الإنتاج 14,2 ألف طن.
ولفت التقرير إلى أنّ بيانات عام 2022 التي جاء فيها أنّ المساحة المزروعة بالتبغ بلغت 6,594 هكتاراً، وبلغت كمية الإنتاج 9,597 طناً تُشير إلى التراجع بالمساحات المزروعة وبكم الإنتاج عن كل الأعوام السابقة.
التقرير أوضح أنّ المؤشر الذي يجب التوقف عنده هو أنّ وسطي سعر الكيلوغرام من التبغ بحسب القيمة التقديرية وكم الإنتاج المبينين أعلاه وفقاً لتصريح المدير العام لمؤسسة التبغ عن عام 2023، هو 5500 ليرة/كغ.
أما وسطي الأسعار الرسمية للموسم الحالي الذي ستتم عملية المباشرة بحصاده بعد أقل من شهرين، فيبلغ 26 ألف ليرة/كغ، تبعاً للتقرير.
وفي ختام التقرير، بيّنت الجريدة أنّ المساحات المزروعة بمحصول التبغ وتراجع حجم إنتاجه عاماً بعد آخر، هي النتيجة الحتمية للسياسات الزراعية والاقتصادية المتبعة، سواء على مستوى تأمين مستلزمات الإنتاج وتكاليفها المرتفعة على المزارعين، أو على مستوى تسعير المحصول الذي لا يغطي بالنتيجة تلك التكاليف ويضع المزارع موسماً بعد آخر أمام خسارات متراكمة، أدت به إلى العزوف عن زراعة المحصول، والأرقام الرسمية أعلاه خير دليل على ذلك.