نشر “معهد الشرق الأوسط” للأبحاث في واشنطن، الجمعة 24 أيلول، تقريراً بعنوان “الفرقة الرابعة.. الجيش الموازي في سوريا”، قال فيه إن مشهد ثنائية الحكم العسكري في سوريا يتجدد بسيطرة “ماهر الأسد” على الفرقة الرابعة التي باتت الرقم الأول عسكرياً في سوريا، بسبب الدعم الإيراني اللامحدود والصلاحيات المفتوحة لها على كافة الأراضي السورية.
وأوضح المعهد أن الفارق بين العام 2021 والعام 1984 حين دبت الخلافات بين حافظ الأسد وشقيقه الأصغر رفعت، إثر محاولة الأخير الانقلاب على الحكم، أن الانسجام والمسار المتوازي بين ماهر وبشار الأسد لم تتخلله اضطرابات -حتى الآن-، على الرغم من منافسة الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر، للحرس الجمهوري الذي يشرف عليه بشار الأسد.
وبيّن المعهد أن تنامي قوة الرابعة التي اعتبرها “النسخة الجديدة عن سرايا الدفاع”، يثير تساؤلات كبيرة على مستقبل هذه الفرقة، ومستقبل الجيش في سوريا وتوازن القوة العسكرية ومخاوف من نشوء قوة أخرى تضاهي قوة الجيش المنهار أصلاً بسبب الانشقاقات ودخول الميليشيات في صفوفه.
وأشار معهد الشرق الأوسط للأبحاث في تقريره، إلى أن مهمة الفرقة الرابعة وكذلك سرايا الدفاع سابقاً، هي تأمين العاصمة دمشق، وحماية النظام من أي ضربات موجعة، موضحاً أن الفرقة الرابعة تحولت إلى جيش ينتشر على كل الأراضي السورية وليس في العاصمة دمشق وأطرافها، نتيجة عدم الثقة بقوات الجيش النظامي وكثرة الانشقاقات العسكرية من ضباط السنة على وجه التحديد.
واعتبر التقرير أن الإمكانات الخاصة للفرقة الرابعة من حيث التسليح والإمكانات الضخمة التي تضاهي الجيش، قلص قدرة جيش النظام على اتخاذ القرار، وأن منحها الكثير من الصلاحيات في ظروف الحرب، جعلها متقدمة في كل المواقع وبات هناك مستويين من الجيش السوري، مستوى متفوق معنوياً ومادياً وعسكرياً ومستوى آخر أقل.
ووصف العديد من ضباط القصر الجمهوري وجيش النظام، الفرقة الرابعة بـ “سارقة الانتصارات”، كونها لم تتمكن من حسم الكثير من المعارك في حلب والرستن بحمص وحتى مؤخراً في درعا، لولا الميليشيات الإيرانية و”حزب الله”، التي كانت تهدي الانتصارات في المعارك إلى الفرقة الرابعة بشكل متعمد لمنح ماهر الأسد سمعة الانتصارات في سوريا، وفقاً للتقرير.
ولفت التقرير إلى أن السبب الأساسي لقوة الفرقة الرابعة بالمقارنة مع الجيش السوري، هو أنها الفرقة الوحيد القادرة على طلب الإمدادات العسكرية من أي فرقة من فرق الجيش السوري بأمر مباشر من العميد علي محمود أو ماهر الأسد من دون الرجوع إلى القيادة العسكري في هيئة الأركان، وليس الإمكانات العسكرية فقط ونفوذ ماهر الأسد.
وأوضح المعهد في تقريره أن قائد الفرقة الرابعة يرتبط بوزير الدفاع مباشرة من الناحية التنظيمية، وهذا يجعل الفرقة الرابعة أكثر قوة وسلطة وغير قابلة للكسر، فالجيش في خدمة هذه الفرقة وليس العكس، الأمر الذي مكنها من ابتلاع كل القطاعات العسكرية.
وبيّن التقرير نقاط الضعف في الفرقة الرابعة، التي تمثلت بأن أغلبية المتطوعين للقتال في صفوف أمن الرابعة هم من الهاربين من الجيش أو الأشخاص الذين كانوا مطلوبين جنائياً وتمت تسوية ملفاتهم مقابل القتال إلى جانب الحكومة السورية، إضافة إلى تفسخ منظومة العسكري نتيجة الاختلاط بالميليشيات الطائفية والاعتماد على أساليب حرب غير عسكرية مهنية وإنما أساليب تتسم بالطائفية إلى حد بعيد.
وأضافت التقرير أن تحول عناصر الفرقة الرابعة إلى عناصر لجباية الأموال على الطرقات والحواجز العسكرية والمعابر بين المناطق المتصارعة، حيث تتولى الفرقة الرابعة مهمة جباية الأموال الأمر الذي جعل هذه الفرقة منبوذة على المستوى الشعبي وحتى العسكري، معتبراً أن الفرقة الرابعة لم تعد الفرقة العسكرية الخالصة التي تجيد العمل العسكري المهني على الرغم من الإمكانيات العسكرية.
وبحسب معهد الشرق الأوسط للأبحاث في واشنطن، فإن العوامل المذكورة جعلت من الفرقة الرابعة ذات سمعة متدنية في الأوساط السورية، خصوصاً على المستوى العسكري، حيث لم تعد تحظى بالاحترام وخرجت عن سياق الحرب لتتحول إلى نسخة متطابقة مع سرايا الدفاع التي كانت تابعة لرفعت الأسد.