أعلن برنامج الأغذية العالمي WFP في الأردن، في الثاني من أيلول 2021 عبر حسابه الرسمي في “فايسبوك” أنه سيضطر إلى قطع المساعدات النقدية ابتداءً من تشرين الأول 2021، عن 110 آلاف شخص من أصل 483 ألفاً يحصلون على مساعدات شهرية من البرنامج، بسبب النقص الحاد في التمويل، وقد تم إبلاغ جميع اللاجئين بالأمر عبر رسائل نصية قصيرة SMS، في حين ستبقى قيمة المساعدات الغذائية الشهرية كما هي للاجئين المقيمين داخل المخيمات.
في رسالته التي أعلن فيها البرنامج نيته إيقاف المساعدات، قال القائمون عليه “ندرك تماماً الاحتياجات المتزايدة للاجئين، ولكننا مضطرون إلى اتخاذ بعض الخيارات الصعبة بالتناسب مع حجم التمويل المتوفر، وتوجيهه لتلبية احتياجات اللاجئين الأكثر احتياجاً بناءً على تصنيف البرنامج، ويعمل البرنامج جاهداً في الوقت الحالي على توفير التمويل اللازم”، طالبين من الأسر التي لا تحتاج إلى المساعدة، التنازل عنها للأُسر الأكثر احتياجاً من خلال الاتصال على خط المساعدة التابع لبرنامج الأغذية العالمي.
قطع مساعدات برنامج الأغذية العالمي عن اللاجئين السوريين في الأردن كان له وقع الصاعقة على آذان آلاف الفارين من جحيم الحرب السورية التي مضى عليها عقد من الزمان، والذين يقيمون في الأردن في المخيمات القريبة من الحدود السورية وداخل المدن الأردنية.
“مضطرون إلى اتخاذ بعض الخيارات الصعبة بالتناسب مع حجم التمويل المتوفر لدى البرنامج، وتوجيه التمويل المتوفر لتلبية احتياجات اللاجئين الأكثر احتياجاً ضمن المستحقين، وهو الإجراء الصحيح في مثل هذه الظروف” يقول محمد بطاح، المسؤول الإعلامي في برنامج الأغذية العالمي لمعد التحقيق.
تضم سجلات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين 753676 لاجئاً، حتى 16 آذار 2021، من بينهم 664898 لاجئاً سورياً، يعيش منهم 128131 لاجئاً في المخيمات (الزعتري، الأزرق، مريجيب الفهود).
فيما تشير توقعات المفوضية إلى أن أكثر من 80 في المئة من اللاجئين السوريين يعيشون تحت خط الفقر.
الإعلان عن توقف صرف المساعدات النقدية جاء فيما تتقارب السلطات الأردنية مع النظام السوري على خلفية تعاون وتنسيق مشترك بدأ يظهر مع إعادة فتح معبر نصيب- جابر عام 2018، وبشكل أكبر عند الإعلان عن تعاون مشترك في مجال الطاقة، أسس له نقل الغاز المصري عبر الأردن وسوريا إلى لبنان، البلد الذي يعاني من تبعات أزمة اقتصادية وانسداد الأفق تجاه أي حلول حقيقية في المجال السياسي.
كما التقى وللمرة الأولى منذ عشر سنوات تاريخ اندلاع الثورة السورية عام 2011، وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش السوري العماد علي أيوب رئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء الركن يوسف أحمد الحنيطي، في عمّان، في 20 أيلول 2021 لتنسيق الجهود لضمان أمن الحدود المشتركة بين البلدين، والجهود المشتركة لمواجهة عمليات التهريب عبر الحدود وبخاصة تهريب المخدرات.
الواقع الجديد بالنسبة إلى اللاجئين، دعا الناطق الإعلامي باسم برنامج الغذاء العالمي في الأردن، محمد بطاح للتحذير من الأثر غير المباشرة لتقليل المساعدة، مثل عدم قدرة الأطفال على الذهاب إلى المدرسة والذهاب الى سوق العمل، إضافة إلى التزويج المبكر واللجوء إلى الوظائف غير الرسمية وتقليص الأسر للنفقات الأساسية مثل الغذاء والرعاية الصحية والتعليم.
أم محمد (38 سنة) من ريف حمص وجدت نفسها وأطفالها في مواجهة مباشرة مع تبعات قطع المساعدات، لكونها مسؤولة عن خمسة أطفال ولديها التزامات مالية بعدما تم شطر العائلة بترحيل زوجها إلى سوريا قبل فترة لكونه ضُبط وهو يعمل من دون إذن عمل.
تقول: “لدي 5 أطفال أكبرهم 14 عاماً، سيضطر للبحث عن عمل، وسيترك المدرسة لأننا بلا معيل، لدينا إيجار منزل ومستلزمات كثيرة”.
في المقابل “يصرّ زوجي على عودتنا إلى سوريا، نعيش حالة من الرعب والقلق بسبب ما حصل لنا، خيرونا بين الموت أو الجوع في الأردن”.
ولا تعتبر العودة آمنة بالنسبة إلى اللاجئين إذا قرروا العودة إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، وهو ما رصدته منظمات حقوقية عالمية والشبكة السورية لحقوق الإنسان عن أن النظام السوري ما زال يشكل تهديداً “عنيفا” على حياة اللاجئين في حال قرروا العودة إلى بلادهم، حيث وثقت اختفاء 638 لاجئاً، ومقتل 15 تحت التعذيب.
المصدر: موقع درج