فشلت دبابة “تي-90 إي” الروسية التي يستخدمها النظام السوري في حربه على شعبه، إذ لم يكن لها تأثير كبير في الحرب السورية نظراً لدخول حوالي 30 دبابة منها الخدمة في سوريا فقط، ونجاح المعارضة في إعطاب والاستيلاء على عدد منها.
وقالت مجلة “ناشونال انترست” الأميركية إن النظام كان محظوظاً لأن المعارضة السورية لم تحصل على أي صواريخ موجهة مضادة للدروع حديثة ذات وضع هجوم علوي ومن شأنها أن تدمر الدبابة، حسبما ترجم موقع صحيفة المدن.
ورأى الموقع أن الصراعات المتداخلة المستعرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط ترقى اليوم إلى مصاف كارثة إنسانية مروعة ذات عواقب عالمية متصاعدة. كان أحد آثارها هو إضعاف سمعة دبابات القتال الرئيسية التي يُعتقد خطأً أنها ليست معرضة للهجوم أو التدمير.
ولفت إلى خسارة العديد من الدبابات الحديثة في المعارك في العراق وسوريا واليمن، موضحاً أن تلك الدبابات كان من الممكن أن تستفيد من ترقيات دفاعية محددة في بعض الحالات، وقال إن الدرس الحقيقي الذي كان يجب استخلاصه “كان حول أوجه القصور الفنية وتدريب الطاقم والتوظيف التكتيكي السليم، أكثر من موضوع الدروع غير المعرضة للخطر”.
حتى دبابات القتال الرئيسية الأكثر تدريعاً تكون أقل حماية بشكل ملحوظ من الضربات على الجانب أو الخلفية أو الدروع العلوية، خصوصاً أن المعارضة السورية تعلمت كيفية نصب كمين لدبابات القتال الرئيسية المنتشرة بشكل غير حكيم، لا سيما باستخدام صواريخ مضادة بعيدة المدى من مسافة أميال.
كان الاستثناء الوحيد للتشويه العام للسمعة هو دبابة “تي 90 إي” التي تم تصميمها في التسعينيات على أنها مزيج حديث من هيكل “تي 72” المُحسَن للإنتاج الضخم سابقاً، مع الاحتفاظ بالحجم الصغير وطاقم مكون من ثلاثة أفراد، كما تتميز بوزنها الخفيف والذي يبلغ 50 طناً وهي أخف وزناً بشكل كبير من دبابة “أم 1 أي 2” و ودبابة “ليوبارد 2” بوزن سبعين طناً.
عندما تدخلت موسكو في سوريا عام 2015 لصالح نظام بشار الأسد المحاصر، نقلت اليه حوالي ثلاثين دبابة “تي 90″، بعدما فقد أكثر من ألفي مركبة مدرعة في السنوات السابقة، خاصة بعد أن بدأت المعارضة السورية في تلقي صواريخ “تاو” الأميركية في عام 2014. انتشرت دبابات “تي 90” بين الفرقة الرابعة ولواء صقور الصحراء وقوة النمر.
وفي شباط/فبراير 2016، قامت المعارضة السورية بتسجيل مقطع مصور لصاروخ “تاو” يتجه نحو دبابة من طراز “تي 90” في شمال شرق حلب، قبل أن ينفجر الصاروخ، بسبب صاروخ أطلقته الدبابة باتجاه القذيفة الموجهة.
ورأت المجلة أنه في حين أن “تي 90” لا تزال تتفوق عليها دبابات القتال الرئيسية الغربية، إلا أنها تمتلك عدداً من الأنظمة الدفاعية، ولا سيما الصواريخ الفعالة المضادة للدبابات التي تفتقر إليها دبابات “أبرامز” و”ليوبارد 2″.
وأضاف الموقع تعمل “تي 90 إي” بالأشعة تحت الحمراء مصممة لتشويش أنظمة استهداف الليزر على الصواريخ. كما يمكن لنظام الحماية تفريغ قنابل الدخان التي تطلق سحابة ضبابية تحجب الأشعة تحت الحمراء.
تم دمج جهاز الحماية مع جهاز استقبال تحذير بالليزر بزاوية 360 درجة يقوم تلقائياً بتشغيل الإجراءات المضادة إذا تم توجيه ليزر العدو نحو الدبابة، كما يمكنه أيضاً توجيه مدفع الدبابة نحو مصدر الهجوم. يأتي خط الدفاع الثاني للدبابة على شكل لوحات من الدروع التفاعلية المتفجرة، والتي تم تصميمها للانفجار قبل اصطدام الصاروخ الموجه.
فهل أثبت درع “تي 90” التفاعلي ونظام الحماية النشط إجراءً مضاداً أكيداً لإطلاق النار مقابل الصواريخ الموجهة طويلة المدى المضادة للدبابات؟
كرس كاتب التقرير جاكوب جانوفسكي نفسه لتوثيق وحفظ خسائر المدرعات المسجلة في الحرب السورية طوال سنوات، وأصدر مؤخراً أرشيفاً يضم أكثر من 143 غيغابايت من اللقطات القتالية من الصراع.
وفقاً لجانوفسكي، من بين الدبابات الثلاثين التي تم نقلها إلى النظام، فهو على علم بتعطيل خمس أو ست دبابات من طراز “تي 90 إي” في عامي 2016 و2017، معظمها بصواريخ “تاو” الموجهة. وربما تكون أربعة أخرى قد أصيبت، لكن لم يكن من الممكن تحديد وضعها بعد الهجوم. بالطبع، قد تكون هناك خسائر إضافية لم يتم توثيقها.
علاوة على ذلك، استولت هيئة تحرير الشام على دبابتين من الطراز عينه واستخدمتها في القتال، بينما استولى تنظيم “داعش” على ثالثة في شباط/فبراير 2017. وفي حزيران/يونيو 2016، قام فصيل معارض بضرب “تي 90” باستخدام صواريخ “تاو”.
في غضون ذلك، حافظت المعارضة على دبابتين من طراز “تي 90” في مصنع مهجور في محافظة إدلب. ووفقاً لوسائل إعلام روسية، استعاد النظام السيطرة على إحدى الدبابات، وتم تدمير الأخرى بواسطة دبابة “تي 72” باستخدام طلقة تخريبية حركية في الدرع الجانبي.
وفي رأي الكاتب لقد كانت “تي 90″في الواقع ناجحة نسبياً، على الرغم من الخسائر الناجمة عن “الثقة المفرطة وضعف التنسيق مع المشاة، والتي كانت مشكلة طويلة الأمد للنظام”. وأضاف “كان أداء الدبابة جيداً عندما أتيحت لها فرصة إطلاق النار من مسافة بعيدة أو في الليل”.
ورأى أن المشكلة الرئيسية في “تي 90” هي الافتقار التام لنظام الحماية النشطة (الذي يطلق النار على الصواريخ)، من الناحية المثالية مع تغطية 360 درجة، إذ يجب أن تكون 270 درجة كحد أدنى. هذا لا يعني فقط أنها عرضة للإعاقة بسبب القذائف الصاروخية الرخيصة في القتال ولكن أيضاً من الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات التي يتم إطلاقها من زاوية غير متوقعة.
في النهاية، تظهر الخسائر في سوريا أن أي دبابة معرضة للخطر في ساحة المعركة التي انتشرت فيها صواريخ “أي تي جي أم” طويلة المدى. وتعد أنظمة الحماية النشطة وأنظمة التحذير من الصواريخ أمراً حيوياً للتخفيف من هذا الخطر، ولكن، هناك أيضاً توظيف تكتيكي دقيق وأطقم مدربة بكفاءة وتعاون محسّن مع المشاة لتقليل التعرض للهجمات بعيدة المدى ودرء الكمائن وتوفير مزيد من الانتباه للتهديدات المحتملة.