بحث
بحث

بالأسماء: مدرسو جامعة دمشق يبتزّون الطالبات مقابل النجاح

صوت العاصمة – خــاص

في ظل الانفلات الأمني الذي تعيشه سوريا، وعدم وجود سُلطة تُحاسب الفاسدين، نتيجة انشغال الأنظمة الأمنية بمُلاحقة المناهضين للنظام السوري وانشغالهم بالسرقة وفرض الأتاوات والتشبيح، عانت جامعة دمشق، كغيرها من المؤسسات الحكومية من الفساد والانفلات في الهيئة الإدارة والتدريسية، فمن الدعارة داخل الجامعات إلى انتشار المُخدرات، وأخيراً ابتزاز الطالبات من قبل أشخاص من المفترض أنهم يُساهمون ببناء الأجيال.

ليست جديدة مسألة الابتزاز الجنسي للطالبات في الجامعات السورية، لكنها كانت إلى حد ما، قبيل الحرب، محدودة وقليلة، ويُمارسها بعض مُدرسو المُقررات من أصحاب النفوذ، بحق فتيات أعجبوا بهنًّ، أما اليوم فبات الموضوع أشبه بالروتين في بعض الكليّات، ومكشوفاً لإدارة الجامعات، دون تحريك ساكن بحق المُبتزّين.

وتحدث مُراسلو “صوت العاصمة” مع عدد من الطالبات في جامعة دمشق، بمُختلف الأقسام والاختصاصات، واستمعوا لعشرات القصص والأسماء من مدرسو الجامعة، الذين امتهنوا ابتزاز الطالبات جنسياً مُقابل النجاح.   مرح (20) عام، طالبة في كليّة الاقتصاد بجامعة دمشق، قالت لـ “صوت العاصمة” أن مُدرّس مادة بحوث عمليات، في قسم المُحاسبة، الدكتور “شفيق عربش” يتقصد ترسيب بعض الطالبات، اللواتي يُعجب بهن، ليُجبرهنّ على مُراجعته، خاصة من تعرف منهنّ أنها تقدّمت الفحص بشكل جيّد، وعند دخول مكتب مُدرس المادة تبدأ عملية التفاوض، التي غالباً ما تنتهي بخروج الطالبة رافضة العرض، أو بقضاء ليلة في شقة مفروشة، مقابل ترفيع تلك المادة بكل بساطة.

 ولا يقف ابتزاز عربش للطالبات جنسياً مقابل النجاح، بل يطلب من بعضهنّ اقناع فتاة أخرى كان قد قدّم لها عرضه ورفضته، وله علاقة دائمة ببعض الفتيات، مقابل ترفيع المواد، وإرسال تلك الفتيات للاتفاق مع أخريات.

وفي كليّة الإعلام بجامعة دمشق، يُمارس المُدرس “عمار أبو لبادة” المسؤول عن عدة مواد في السنتين الثانية والرابعة، الابتزاز بحق الطالبات والطلاب، ضمن مواد تتعلق بمشروع التخرج، ويوقف تخرج العشرات سنوياً بشكل علني دون الاكتراث للشكاوى التي تصل لإدارة الجامعة.  

أبو لبادة، يتقاضى مبالغ مالية من الشبان مقابل علامات التخرج، ويطلب من الفتيات مُراجعته في مكتبه داخل حرم الجامعة بشكل فردي، ويعرض عليهنّ قضاء ليلة في أحد فنادق دمشق، مقابل التخرج.  

ويعمد المُدرس في كلية الإعلام، على عدم اصطحاب الفتيات للهواتف المحمولة إلى المكتب، أو إلى مكان الموعد، تجنباً لتسجيل صوته خلال عمليات التفاوض أو اللقاء.  

وبالذهاب إلى كليّة الهندسة المعمارية، قالت إحدى الطالبات، خلال حديثها مع مراسل “صوت العاصمة” إن عدداً من مُدرسو المُقررات قاموا بالتعامل مع طالبات لمُفاوضة زملائهن من أجل الخروج مع المدرسين وقضاء وقت معهم مقابل النجاح في المواد، أبرز هؤلاء الأشخاص هو رئيس قسم التصميم في الكليّة.  

ولا يقتصر عمل تلك المقربة من مُدرس المُقرر على مُفاوضة الفتيات فقط، بل تقوم بجمع المبالغ المالية من الطُلاب، وكذلك الطالبات اللاتي رفضن عرض رئيس القسم بالعلاقة الجنسية مقابل النجاح، وتلعب دور الوسيط في عملية إتمام صفقة ترفيع المواد.  

بالطبع، ليست كل فتاة في الجامعة مُعرضة للابتزاز الجنسي من قبل هؤلاء المُدرسين، فابنة العائلة المشهورة، وابنة صاحب المال وصاحب السُلطة، بعيدون كل البعد عن ذلك الابتزاز، خوفاً من فضخ المُدرسين، ورفع دعاوى تحرّش ضدهم، أما الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، ومن لا يملكون واسطة تُبعد عنهم شر المُبتزين، هم الأكثر عُرضة لذلك النوع من الابتزاز المادي والجنسي من قبل مدرسو المقررات.  

وبالرغم من قبول الكثير من الفتيات إقامة علاقة مع المُدرّس، مقابل النجاح، توقف عشرات الطالبات سنوياً دراستهنّ، أو تنقل إلى فرع آخر، وربما جامعة أخرى، بعد تعرضها لابتزاز مادي أو جنسي من قبل أحد مدرسي الجامعة، مع صعوبة فضح ذلك الأمر، نظراً لعدم وجود دليل كافي، وتجنباً لفضيحة اجتماعية بحق الفتاة، في ظل الأفكار التي تسود المجتمع بتقديس المُدرس ومُربي الأجيال، وعدم تصديق تلك الأشياء التي تجري في حرم المؤسسة التي من المُفترض أن يكون قُدسية خاصة.  

الدكتور علي بركات، واحد من اولئك الذين يُجبرون الكثير من الفتيات على ترك قسم علم الاجتماع في جامعة دمشق، بعد تعرضهن لتحرش علني، أو رفضهن لعروضه مقابل ترفيع المواد والنجاح في مُقرراته.  

تقول إحدى طالبت القسم لـ “صوت العاصمة” أنها أوقفت دراستها الجامعية مطلع العام الدراسي الجاري بسبب تعرضها للتحرش في قاعة المحاضرات من قبل الدكتور بركات أمام جميع الطلاب وبشكل علني، مشيرةً إلى أنها فضّلت إيقاف تعليمها على البوح لعائلتها بما حصل حفاظاً على سلامتهم، كون الشكاوي القانونية لا تحرز أي نتيجة لإبعاد الدكتور عن طريقها.  

وأشارت الطالبة أن الدكتور “بركات” تعرض لقضية فساد أخلاقي وتحرش بطالبة في قسمة مطلع عام ٢٠١٦، أوقف عن التدريس بموجبها بعد ثبوت الجرم عليه وتقديم محادثات نصية على برنامج التواصل الاجتماعي “واتساب” تثبت صحة ادعاء الطالبة في محاولة ابتزازها جنسياً مقابل ترفيع موادها الجامعية، إلا أنه عاد للتدريس بعد 5 أشهر في الكلية ذاتها بقرار وزاري مفاجئ.  

هؤلاء الذين استطاعوا تحويل مهنة التدريس المُقدسة، إلى تجارة قوامها الابتزاز الجنسي، وتحويل الحرم الجامعي الذي من المُفترض أن يُخرج أجيالاً إلى مكاناً لترويج قذارتهم، معظمهم من الذين انخرطوا في صفوف النظام، عبر موقفهم الموالي، والتشبيحي في غالب الأحيان، وبناء علاقات مع ضباط الاستخبارات، حيث أصبحوا عيوناً لهم في الجامعات، على الطلاب والمُدرسين ايضاً، كل ذلك، سهّل لهم عمليات الابتزاز المادي والجنسي للطلاب، دون اكتراث بالإدارة، فدكتور جامعي مدعوم، يمكن أن يُزيل عميد كلية، أو عضو هيئة إدارية، بكل سهولة بسبب نفوذه مع ضباط المُخابرات والجيش وكبار شخصيات دمشق الاقتصادية.

اترك تعليقاً