صوت العاصمة – الجزيرة نت
تزامنا مع تغير المعادلة العسكرية في العاصمة السورية دمشق لصالح النظام، تشهد المدينة ومحيطها تحولات كبيرة على الصعيد الأمني، تشي بتوجهات تهدف لاستعادة بعض من مظاهر الحياة الطبيعية والمستقرة والتي تفتقدها سوريا منذ 2011.
ومع سيطرة النظام لأول مرة على كامل دمشق وريفها في شهر مايو/أيار الفائت بعد سنوات من وجود المعارضة المسلحة فيها، بدأت حملة كبيرة ومنظمة لإزالة عشرات الحواجز ونقاط التفتيش، التي باتت سمة مميزة لشوارع دمشق، إذ لا يكاد يخلو حي أو طريق رئيسي منها، وشملت تلك الحملة -التي يتحدث ناشطون عن ضلوع الروس فيها بشكل أساسي- عددا من المليشيات المقاتلة إلى جانب النظام، التي حُلّت وتوقف التطويع فيها لينضم مقاتلوها لصفوف الجيش السوري النظامي.
لا حواجز
وعلى مدار الأسابيع الفائتة، اختفت وبشكل تدريجي عشرات الحواجز من دمشق ومحيطها، في حين بقي عدد من أهم الحواجز الرئيسية على مداخل المدينة دون تغيير.
وعلى مدار الأسابيع الفائتة، اختفت وبشكل تدريجي عشرات الحواجز من دمشق ومحيطها، في حين بقي عدد من أهم الحواجز الرئيسية على مداخل المدينة دون تغيير.
وكانت محافظة ريف دمشق قد أعلنت الشهر الماضي على لسان محافظها علاء إبراهيم عن “إزالة 90% من الحواجز في محيط دمشق بعد استتباب الأمن وعدم الحاجة لتلك الحواجز التي كانت تهدف لتحقيق الأمان للمواطن”.
ومن أبرز الحواجز التي أزيلت -وفق شبكة صوت العاصمة الإخبارية- حاجز شارع خالد بن الوليد وحاجز المجتهد المعروفان بإجراء التفتيش الأمني معظم الأحيان حتى للنساء، وحاجزا سوقي الحريقة ومدحت باشا اللذان كانا يفرضان إتاوات على كافة السيارات المحملة بالبضائع والداخلة للسوقين المذكورين، إضافة لحواجز في شارع بغداد بمحيط فرع أمن الدولة، وأخرى بمحيط مشروع دمر ودمر البلد على أطراف العاصمة الغربية، وبقيت حواجز أخرى في مناطق الفحامة والمالكي ومداخل دمشق من الجهة الجنوبية والشرقية على حالها.
إضافة لذلك، رُفعت العديد من الحواجز الإسمنتية وفُتحت طرق بأحياء ركن الدين والقابون وساحة التحرير، وهي خطوة يؤكد الناشط الإعلامي في شبكة صوت العاصمة مراد مارديني أهميتها في فتح طرق مغلقة منذ سنوات وتسهيل حركة السير فيها.
وتتبع معظم الحواجز المزالة، بحسب حديث مارديني للجزيرة نت، لأفرع الأمن العسكري وأمن الدولة والمخابرات الجوية، وهي خطوة أثارت حفيظة عدد من عناصر المليشيات المحلية في أحياء كركن الدين والحريقة ودمر، الذين لم يرغبوا في إزالة الحواجز نظرا للفوائد -المالية على الأخص- والتي كانوا يجنونها منها.
وبشكل متناقض مع عمليات الإزالة المذكورة، نُصبت حواجز جديدة في حيي ركن الدين ومساكن برزة المتجاورين، وهو ما أكده عامر الدالاتي من سكان ركن الدين، حيث تحدث للجزيرة نت عن “خيبة أمل” سكان المنطقة من هذه الإجراءات، إذ لم تتغير سوى أماكن الحواجز، موضحا أنه “رغم تأكيدات سمعناها عن أوامر حازمة من الجانب الروسي لإنهاء ملف الحواجز داخل دمشق، فإن للموضوع على ما يبدو حسابات أخرى بين القائمين على هذا الملف من مختلف المستويات”.
أوامر روسية
أوامر يتحدث عنها مارديني بدوره، ويؤكد أنها امتدت لتشمل حلّ عدد من المليشيات الموالية للنظام السوري وضمّ عناصرها لتشكيلات عسكرية رسمية تابعة للجيش النظامي، بهدف إعادة ضبط السلاح العشوائي الذي بات منتشرا خارج السيطرة في دمشق ومحيطها خلال السنوات الأخيرة.
ومن تلك المليشيات -وفق معلومات الناشط الإعلامي- تلك العاملة في حي برزة والتي التحق عناصرها بالحرس الجمهوري مع تهديد من يتخلف عن ذلك بتعميم الاسم على أنه مطلوب للخدمة العسكرية.
بشكل مشابه حُلت مليشيا درع القلمون في مدينة التل بريف دمشق، وتم ضمها للفرقة الثالثة في منطقة القطيفة، والتي تسيطر روسيا على مفاصلها الأساسية منذ أشهر.
إضافة لذلك، أكد مارديني إيقاف عملية إصدار البطاقات الأمنية للمتطوعين التابعين للفرقة الرابعة في مدينة معضمية الشام غرب دمشق، وإلزامهم بالانضمام لصفوف الجيش النظامي، وكذلك ملاحقة الشرطة العسكرية السورية لكل من يرتدون اللباس العسكري بهدف التحقق من شخصياتهم وضمان ألا يكونوا متخلفين عن الخدمة العسكرية.
إجراءات يشير كثير من سكان دمشق إلى ارتياحهم الكبير لها بعد معاناة طويلة مع الحواجز والسلاح العشوائي والمقاتلين غير النظاميين، وتُذكّر دون شك بحملة مشابهة بدأتها روسيا منذ حوالي عامين بتشكيل الفيلق الخامس التابع للجيش السوري كبديل عن المجموعات الرديفة المقاتلة إلى جانب النظام، ويبدو أن الوقت قد حان لاستكمالها مع تغير موازين القوى لصالحها.