بحث
بحث

فصائل الغوطة تتفق..وتسحب الذرائع من روسيا والنظام

تسعى فصائل الغوطة الشرقية إلى سحب الذرائع من النظام وحليفه الروسي، معلنة التزامها بقرار مجلس 2401، ومجددة استعدادها إخراج “هيئة تحرير الشام” من الغوطة، فيما تواصل عملها العسكري “الدفاعي” ضد أي قوة معتدية، وإفشال المخطط الروسي على أسوارها.

ومع نقض روسيا لقرار مجلس الأمن، والالتفاف عليه بـ”هدنة روسية” تخفي خلفها مرحلة جديدة من العمل العسكري في الغوطة الشرقية، بدأت ملامح “التعاون” تظهر بين فصائل الغوطة الشرقية، خاصة بين “جيش الإسلام” و”فيلق الرحمن”، لينهيا بذلك حقبة من الاقتتال الداخلي والقطيعة.

مصدر عسكري قال لـ”المدن” إن “جيش الإسلام” و”فيلق الرحمن” و”أحرار الشام”، بدأوا يرتبون أوراقاً مشتركة لمواجهة النظام، وهو ما أكدته تصريحات للناطقين باسم الفصائل. ويبدو أنهم في طريق إنشاء غرفة عمليات مشتركة لتنسيق العمل العسكري، إذا ما فشلت “الهدنة الروسية” بشكل نهائي. وبحسب المصدر العسكري، فإن جبهات فصائل المعارضة، على غير عادتها، تصدّ هجمات النظام على كل المحاور في وقت واحد، مشيراً أن هذا لم يكن هو الحال خلال معارك النظام ضد الفصائل في أيام “الاقتتال الداخلي”، فالقطاع الجنوبي سقط بيد النظام وكانت جبهات “جيش الإسلام” هادئة، فيما تقدم النظام على محور الريحان وكانت جبهات “الفيلق” هادئة.

الناطق باسم أركان “جيش الإسلام” حمزة بيرقدار، قال لـ”المدن”: “توجد مساعٍ حثيثة لإنشاء غرفة عمليات أو تنسيق على أعلى مستوى بين فصائل الغوطة الثلاث جيش الإسلام وفيلق الرحمن وأحرار الشام، لتنسيق المعارك الدفاعية في حال لم يلتزم النظام بوقف إطلاق النار وقرار مجلس الأمن 2401”.

في حين قال الناطق باسم “جبهة تحرير سوريا” (أحرار الشام سابقاً) منذر فارس، لـ”المدن”: “فصائل الغوطة تسعى لإفشال مخطط الروس وتنسق عسكرياً بينها، وتكثف الجهود لصد هذه الهجمة البرية الشرسة، وحماية المدنيين من القصف”، مؤكداً استعداد الفصائل لكل الاحتمالات العسكرية في الغوطة الشرقية.

وكانت هيئة أركان “جيش الإسلام” قد أعلنت عن مقتل 40 عنصراً للنظام على جبهة حوش الضواهرة، ليل الثلاثاء/الأربعاء، وسبق ذلك مقتل نحو 70 آخرين، وقبله مقتل العشرات وتدمير آليات على المحور ذاته. وأعلنت “أحرار الشام” قبل ثلاثة أيام مقتل 20 عنصر للنظام على محور المشافي.

وأعلنت فصائل الغوطة استعدادها لإخراج عناصر “جبهة النصرة” وعائلاتهم من الغوطة الشرقية، في محاولة لسحب أي ذريعة من النظام وروسيا لقصف الغوطة باسم “محاربة الإرهاب”، وأكد ناطقان عسكريان من الغوطة الشرقية لـ”المدن”، أن “روسيا والنظام عرقلا خروج العناصر في وقت سابق، ولا يوجد أي تواصل حالي بهذا الخصوص”.

وكان ملف “النصرة” قيد الإنهاء في كانون الأول/ديسمبر 2017، بعدما أجريت كامل الترتيبات لإخراج عناصر التنظيم، من تسجيل أسمائهم عبر مكاتب خاصة لـ”الهلال الأحمر”، وأجراء اتصالات مع “مركز المصالحة” في “قاعدة حميميم” العسكرية الروسية، ولكن تأجل تنفيذ الاتفاق إلى ما بعد مؤتمر “سوتشي”. وحمّلت مصادر عسكرية معارضة النظام وروسيا مسؤوليتهما إفشال الاتفاق، لإبقاء “شماعة”، يواصلون من خلالها حملتهم للسيطرة على الغوطة.

اتفاق الفصائل الثلاثة على إنهاء “ملف النصرة” هو دليل إضافي على جديّة الفصائل في إيجاد قواسم مشتركة بينهم، وتوحيد الجهود العسكرية في وجه النظام، إذ أن ملف “النصرة” كان خلافياً بين الفصائل، وكان “جيش الإسلام” يعمل بشكل حثيث على إنهائه، فيما اتهمته الفصائل الأخرى آنذاك بأنه يستخدم “النصرة” كذريعة للقضاء على باقي الفصائل.

وبعد إعلان النظام عن وصول “قوات النمر” إلى محيط الغوطة الشرقية، وتكثيف غاراته الجوية وعملياته البرية إلى جانب عمل ماكينته الإعلامية على الترويج لمعركة “الحسم”، بدأ الرهان على سيناريو للغوطة يشبه إلى حدّ كبير ما حدث في حلب الشرقية، خاصة أن النظام وروسيا أعلنا عن “ممر آمن” لخروج المدنيين، و”هدنة يومية” لخمس ساعات، لخروج المدنيين. المعارضة اتهمت روسيا بالسعي لتنفيذ تهجير قسري للمدنيين.

جغرافية الغوطة الشرقية وظروفها العسكرية، لا تدعم وجود تشابه بين مصير المنطقتين. بيرقدار قال لـ”المدن”: “لا يمكن بأي شكل من الأشكال تطبيق سيناريو حلب على الغوطة لأن وضعها مختلف تماماً”. وعلّق بيرقدار مسؤولية سقوط حلب إلى جانب حملة النظام وروسيا العنيفة على “جبهة النصرة”، مشيراً إلى “أن حلب ما كانت لتسقط وقد تبقى صامدة مئة عام لولا الخيانة التي حصلت فيها وعمالة جبهة النصرة واعتدائها على الفصائل الموجودة وسلب سلاحها كما حدث مع تجمع فاستقم”، وبحسب بيرقدار فإن “جيش الإسلام” قام بحملة داخلية بعد قرار داخلي لإنهاء وجود “النصرة” في الغوطة منعاً لسيناريو حلب أن يتكرر.

وأضاف بيرقدار: “الغوطة الشرقية تتمتع بمقومات صمود تكاد لا تتوفر في أي منطقة محررة أخرى، فجبهاتها محصنة ومدعمة وفق دراسة عسكرية وأكاديمية بإشراف ضباط عسكريين وقادة ميدانيين ما جعلها عصية على النظام طوال سنوات الحصار الخمس”.

مصدر محلي قال لـ”المدن”، إن موقع الغوطة الشرقية في خاصرة دمشق، يجعل سياسة النظام العسكرية على المحك، وكأنه يلعب بالنار، مشيراً إلى أن فصائل المعارضة قادرة أن توصل نيرانها إلى أهداف عسكرية في دمشق، وقد فعلها “جيش الإسلام” في وقت سابق، إلا أن فصائل الغوطة الشرقية تلتزم الهدوء حيال دمشق.

ورغم عدم وجود أي تحضير عسكري مباشر نحو دمشق، وعدم تهديد الفصائل بفتح معركة دمشق، إلا أن خيار دمشق قد يكون آخر الأوراق وأهمها، وبحسب المصدر: “لدى الفصائل أوراق متعددة تستخدمها في معركة الغوطة إذا ما حوصرت في الزاوية، وأوراقها قد تلحق أضراراً جسيمة بنظام الأسد في العاصمة”.

قائد “جيش الإسلام” الراحل زهران علوش، أعلن في شباط/فبراير 2015 دمشق منطقة عسكرية، محذراً المدنيين من الاقتراب من النقاط العسكرية والأمنية التابعة للنظام، وأطلق الجيش معركة “الله غالب” في أيلول/سبتمبر 2015 ضد النظام في الجبال المطلة على الغوطة، كما تكرر استهداف مطار دمشق الدولي.

المصدر: جريدة المدن الالكترونية 

اترك تعليقاً