بحث
بحث

لماذا أعلن رامي مخلوف الحرب على سامر فوز؟

في خطوة تؤشر إلى تصاعد حدة الصراع بين أبرز رجال أعمال النظام، شنّت جريدة “الوطن”، التي يملكها رامي مخلوف، خلال الأيام القليلة الماضية، هجوماً على “بنك سوريا الدولي الإسلامي” تتهمه بمنح تمويلات تقدر بحوالي 135 مليار ليرة سورية لجهة واحدة بما “يتجاوز سقف الإقراض”. واتضح لاحقاً أن هذه “الجهة الواحدة” هي شركات تتبع لرجل الأعمال سامر فوز.

وكان سامر فوز، قد صعد خلال السنوات القليلة الماضية، ليصبح أبرز رجال أعمال النظام، إلى الدرجة التي بات يحكى فيها بأنه مقرب للغاية من بشار الأسد، رغم أنه من خارج العائلة الحاكمة.

حاكم “المصرف المركزي” حازم قرفول، رد على اتهامات “الوطن”، بلهجة حادة، أشار فيها إلى أن تلك الأخبار “عارية عن الصحة”، إذ إن بيانات “بنك سوريا الإسلامي” خاضعة للرقابة الدورية من قبل مفوضية الحكومة لدى المصارف، التي تبين عدم وجود أي تجاوزات على النسب الاحترازية المقررة بقرارات مجلس النقد والتسليف.

قرفول، أشار في معرض رده، الذي نشرته “الوطن”، إلى تكليف فريق رقابي متخصص للوقوف على حقيقة تلك البيانات، وقد خلص الفريق إلى تأكيد التزام “سوريا الإسلامي” بنسب التركز الائتماني وعدم وجود تجاوزات عليها، مع “التزام المصرف بتطبيق آلية ممنهجة لمنح التسهيلات للعملاء من خلال وجود سياسات وإجراءات معتمدة للمنح الائتماني وإدارة المخاطر المرتبطة به ومصفوفة صلاحيات ائتمانية مدروسة تراعي سقوف التسهيلات الممنوحة والجهات المخولة بالمنح وفق المخاطر المرتبطة بها”.

وكانت “شركة أمان القابضة” التي يملكها سامر فوز، قد رفعت حصتها في “بنك سوريا الإسلامي”، مطلع العام 2019، إلى 7.63% من عدد الأسهم الكلي، بعدما اشترت 1.5 مليون سهم بقيمة 1.28 مليار ليرة. وكانت “أمان القابضة” قد اشترت قبل ذلك قرابة 9 ملايين سهم في “سوريا الإسلامي” بقيمة 8.3 مليار ليرة نهاية العام 2018.

“الوطن” شككت بصحة ما قاله قرفول حول “الأخبار العارية عن الصحة”، وأكدت أن ما نشرته من استفسارات وأسماء كان “ناتجاً عن تساؤلات طرحتها فعاليات اقتصادية سورية وبعض مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد نشوب خلافات داخل مجلس إدارة سوريا الإسلامي في الآونة الأخيرة”.

وسبق أن سرّبت “الوطن” أخباراً عن “جهة استثمارية واحدة اقترضت من مصرف سوريا الدولي الإسلامي من خلال عدد من الشركات التي تتبع للجهة ذاتها ما يقارب تسعة أضعاف رأسماله (البالغ 15 مليار ليرة) ونحو 36.87% من إجمالي موجودات البنك في نهاية العام 2018، حيث بلغت 366.17 مليار ليرة سورية”. وكان قرار سابق لمصرف سوريا المركزي، رقم 395 للعام 2008، يوجب ألا يتعدى الحدّ الأقصى للتسهيلات والتمويلات التي يمكن منحها لشخص واحد طبيعي أو اعتباري أو إلى مجموعة مترابطة “ذات علاقة” من الأشخاص نسبة 25% من مجموع الأموال الخاصة الصافية.

وتركت “الوطن” الأمر “في عهدة البنك المركزي والحكومة حرصاً على سلامة القطاع المصرفي الذي صمد طوال سنوات الحرب، فلا مبرر ليدفع 14 مصرفاً خاصاً و6 عامة ثمن تهور مصرف وحيد وإدارة مخاطر غير آبهة بمستقبل العمل المصرفي والمال المودع في المصارف الوطنية”.

مصادر “المدن” أشارت إلى أن الصراع بين مخلوف وفوز، ظهر أخيراً للعلن، بعد اشاعات كثيرة عن تململ مخلوف من صعود فوز السريع حتى بات ينافسه على أبرز القطاعات “الربحية”. العقوبات الغربية الموضوعة على مخلوف، منذ بداية الثورة، كانت عائقاً حقيقياً أمامه لفتح الحرب على فوز، المتحرر بدوره من تلك العقوبات حتى فترة قصيرة ماضية. فالعقوبات جعلت من اسم مخلوف مثيراً للمخاوف لأي حالة استثمارية، إلى الحد الذي دفعه للتنازل الشكلي عن رئاسة مجلس إدارة “سيرتيل”، طبعاً لصالح شركتين يملكهما مخلوف أيضاً. كما دفعت العقوبات الغربية بمخلوف للانسحاب من مجلس إدارة “شركة الشام القابضة”.

“الوطن” تساءلت “ما مصير مبلغ الـ135 مليار ليرة سورية؟ وهل فعلاً تم إقراضها لشخص سامر الفوز من خلال شركاته المتعددة؟ لكنها في النهاية صبت في مصلحته؟ وهل فعلاً تم اتخاذ الإجراءات الكافية للتدقيق في البيانات والمعطيات الخاصة بعمليات الإقراض بما لا يخالف القوانين والأنظمة النافذة في سوريا والعالم تجاه إدارة المخاطر وتجاوز سقوف الإقراض؟”. وأضافت “ماذا عن معلومات باتت متداولة عن استقالة أعضاء في مجلس الإدارة احتجاجاً على عدم وضع إدارة البنك هؤلاء الأعضاء بالصورة الصحيحة والكافية في معرض إقراضها لهذه الشركات؟”.

وتأتي هذه المعركة الإعلامية بين مخلوف وفوز، فقط بعدما خضع فوز في كانون الثاني 2019، للعقوبات الأوروبية، هو وشركته “أمان القابضة”، نظراً لدوره في “مشروع ماروتا سيتي”. وتعتقد مصادر “المدن”، أن مخلوف فتح باب الحرب على فوز، بعد تأكده من أن فوز قد خسر أهم ميزة له، وبات خاضعاً للعقوبات الأوروبية. وأكدت مصادر “المدن” أن الأمر بات مسألة وقت قبل أن تتم إزاحة فوز من واجه “رجال أعمال النظام”. فقد بات “بضاعة سامة في السوق”، بحسب تعبير المصادر، في الوقت الذي يستميت فيه النظام للحصول على التمويل الخارجي لاطلاق عجلة “إعادة الإعمار”. مصادر “المدن” أكدت أن الوقت قد يكون مناسباً لمخلوف في مسعاه لازاحة فوز، والعودة ليسيطر على أهم المشاريع في سوريا.

الرئيس التنفيذي لـ”بنك سوريا الدولي الإسلامي” بشار الست، نشر في “الوطن” رداً مطولاً على تلك الاتهامات، وأكد أنه منذ “انطلاق عمله في 2007 يعمل وفق الضوابط والإجراءات والقوانين الناظمة لعمل القطاع المصرفي، وتحت إشراف الجهات الوصائية لاسيما مصرف سوريا المركزي”. وأشار إلى أنه “من البنوك السباقة في تلبية متطلبات عملائه سحباً وإيداعاً في جميع الظروف وأصعبها، كما إن البنك لم ولن يتردد وضمن الإمكانيات المتاحة في منح التمويلات بعد دراسة معمقة ودون تمييز لأصحاب الفعاليات الاقتصادية والتي كان لها دور كبير في تأمين جزء كبير من احتياجات الشعب السوري في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة”.

إلا أن فوز، رغم خضوعه للعقوبات ما زال قادراً على مواجهة مخلوف، نظراً لقوة المملكة الاقتصادية التي أنشأها خلال السنوات الماضية، وتشعب علاقاته وقوتها. مصادر “المدن” تشير إلى أن رد البنك المركزي، وكذلك المصرف الإسلامي، بهذه القوة على اتهامات “الوطن”، ليس إلا مؤشراً على عمق العلاقات التي باتت بحوزة فوز. ولذا، يُعتقد بإن المعركة المقبلة ستكون حامية الوطيس.
المصدر: جريدة المُدن 

اترك تعليقاً