بحث
بحث

سوريا وإيران: إتفاق تعاون استراتيجي..يبحث عن برامج إقتصادية

يشوب الغموض مصير الاتفاقيات الـ11 الموقعة بين سوريا وإيران، الإثنين، وأبرزها “اتفاقية التعاون الاقتصادي الإستراتيجي طويل الأمد”. ومع غياب التفاصيل عن ماهية هذه الاتفاقيات خاصة الاقتصادية منها، فإن أبرز ما فيها هو خلوها من البرامج الزمنية لتنفيذها. الأمر الذي انعكس في التصريحات الرسمية للطرفين، بالكلام عن ضرورة تحديد مهل زمنية للتنفيذ.

وهذه ليست أول حزمة تفاهمات بين الطرفين، والتي غالباً ما أحيلت إلى لجان لا تنتهي من دراستها، ما يجعلها حبراً على ورق. فالجانب الإيراني المصر على المشاركة بإعادة الإعمار في سوريا، يعاني من مصاعب تمويلية هائلة، نتيجة العقوبات الأميركية والحديث عن مشاركة القطاع الخاص الإيراني في “إعادة الإعمار” في سوريا تبدو محض خيال في ظل غياب التمويل لهكذا مشاريع عقارية باهظة التكاليف. كما أن مشاريع النظام السوري لإعادة الإعمار قد باتت تحت رادار العقوبات الغربية، مع إدراج أبرز رجال الأعمال السوريين في القوائم السوداء.

وعدا عن الحديث غير المؤكد في بعض المواقع السورية عن وضع حجر أساس لمشروع “محطة توليد طاقة كهربائية غازية صديقة للبيئة” في اللاذقية وبتكلفة 213 مليار ليرة، فلم ترشح تفاصيل عن برامج عملية لتنفيذ هذا “التعاون الاستراتيجي” بين الطرفين.

الرئيس بشار الأسد، كان قد استقبل صباح الثلاثاء، النائب الأول للرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري والوفد المرافق له، بحضور رئيس مجلس الوزراء السوري عماد خميس. وتناول اللقاء نتائج اجتماعات “اللجنة العليا السورية-الإيرانية المشتركة” والتي نتج عنها توقيع 11 اتفاقية، أعرب الأسد وجهانغيري عن ارتياحهما لها، وأكدا “ضرورة المتابعة المستمرة لتنفيذ هذه الاتفاقيات وتفعيلها في أسرع وقت ممكن”، بحسب وكالة الأنباء الرسمية “سانا”.

بشار الأسد قال إن هذه الاتفاقيات ومشاريع التعاون التي تم التوصل إليها “تحمل بعداً استراتيجياً وتشكل أساساً اقتصادياً متيناً من شأنه أن يسهم في تعزيز صمود سوريا وإيران في وجه الحرب الاقتصادية التي تشنها عليهما بعض الدول الغربية”.

وأشار جهانغيري إلى أن زيارة الوفد الإيراني “تحمل في طياتها رسالة للشعب السوري وللمجتمع الدولي في آن معاً وهي أن إيران التي وقفت إلى جانب سوريا في حربها ضد الإرهاب ستكون معها أيضاً في مرحلة إعادة الإعمار”. وأكد أن سوريا “كانت الجبهة الأمامية في الحرب على الإرهاب وأن النجاحات التي تحققت في هذا المجال ساهمت في منع الإرهاب من الانتشار في دول أخرى على الرغم من رفض بعض الدول الغربية الاعتراف بذلك حتى الآن”.

ويُعتقدُ على نطاق واسع، أن هذه الاتفاقيات، هي حاجة متبادلة، يُطمئن فيها النظام السوري حليفه الإيراني بحصة ما في الاقتصاد والدولة، ويُكبّلُ فيها الجانب الإيراني النظام بقيود فضفاضة سيستخدمها في الوقت المناسب. فكثير من العقود المشتركة بين الطرفين لم تجد طريقها إلى التنفيذ، خاصة في مجال الكهرباء. وكما اتضح من أزمة المحروقات الأخيرة، عجزت إيران عن تأمين ناقلات بحرية لنقل نفطها المشمول بالخط الإئتماني، للشريك الاستراتيجي السوري، بسبب العقوبات على الطرفين. 

ووقع الجانبان، السوري والإيراني، الإثنين، 11 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرنامجاً تنفيذياً لـ”تعزيز التعاون بين البلدين في المجال الاقتصادي والعلمي والثقافي والبنى التحتية والخدمات والاستثمار والإسكان”. وجاء ذلك في ختام اجتماعات الدورة 14 من أعمال “اللجنة العليا السورية–الإيرانية المشتركة” التي عقدت في دمشق.

وأبرز أوراق التعاون الموقعة هي “اتفاقية التعاون الاقتصادي الإستراتيجي طويل الأمد”، و”مذكرة تفاهم لاجتماعات اللجنة المشتركة العليا”.

وتضمنت حزمة الاتفاقات، مذكرة تفاهم بين وزارة الاقتصاد السورية ووزارة الصناعة والمناجم والتجارة الإيرانية، ومذكرة تفاهم بين المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية والخطوط الحديدية الإيرانية، ومذكرة تفاهم في مجال الأشغال العامة والإسكان، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال الترويج للاستثمار بين هيئة الاستثمار السورية ومنظمة الاستثمار والمساعدات الفنية والاقتصادية الإيرانية.

وكذلك مذكرة تفاهم في مجال الجيوماتيك بين الهيئة العامة للاستشعار عن بعد السورية ومنظمة الجغرافيا الإيرانية، ومذكرة تفاهم للتعاون السينمائي بين المؤسسة العامة للسينما السورية والمنظمة السينمائية السمعية والبصرية الإيرانية. ومذكرة تفاهم بين “هيئة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب” السورية ووحدة التحويلات المالية الإيرانية.

ووقع الجانبان “البرنامج التنفيذي للتعاون الثقافي” بين وزارتي الثقافة في البلدين للأعوام 2019-2020-2021، و”البرنامج التنفيذي في المجال التربوي” للأعوام 2019 و2020 و2021.

وشدد رئيس مجلس الوزراء السوري على “أهمية ترجمة العلاقات السياسية المتميزة بين البلدين في سياق علاقات التعاون الاقتصادي” و”تقديم التسهيلات اللازمة للشركات الإيرانية للاستثمار في كافة القطاعات، خصوصاً مع صدور قانون عصري جديد يوفر البيئة الخصبة للاستثمار في سوريا”.

وأضاف خميس، أن لدى سوريا عشرات المعامل بحاجة إلى إعادة تشغيل مبدياً ترحيبه بمشاركة الشركات الإيرانية في إعادة تشغيلها.

وأوضح جهانغيري “أهمية تفعيل الاتفاقيات السابقة بين الجانبين ومتابعتها ووضعها في التنفيذ وتقديم التسهيلات لجميع الشركات والمؤسسات العامة” وتفعيل دور “القطاع الخاص في الاستثمار بمجال البناء والاستثمار والسياحة”، مبيناً أهمية “إنشاء شركات مشتركة معنية بالبنى التحتية والسكن الاجتماعي والذي من شأنه تحقيق شراكة ناجحة توفر أرضية مناسبة لدخول الشركات الإيرانية في مرحلة إعادة الإعمار”.

وكان الجانبان قد وقعا في طهران، نهاية العام 2018، بالأحرف الأولى على مسودة اتفاقية “التعاون الاقتصادي الاستراتيجي طويل الأمد” بينهما، بما يشكل “تعاونا شاملا على المستوى المالي والمصرفي سيتيح فرصة كبيرة للشركات الإيرانية لأن تكون حاضرة في مجال الاستثمار في سوريا”، بحسب تصريحات رسمية سورية حينها.

المصدر: جريدة المُدن

اترك تعليقاً