بحث
بحث

جرمانا … لاس فيغاس دمشق

صوت العاصمة – خاص
لاس فيغاس دمشق أو المدينة التي لا تنام، هكذا سُميت مدينة جرمانا الواقعة شرق العاصمة، وذلك لكثرة الملاهي الليلة ومنازل الدعارة ومحلات المشروب فيها.
هي المدينة التي تداخلت فيها منذ زمن جميع الطوائف الموجودة في سوريا، وتجمع فيها أبناء جميع المحافظات الوافدين إلى دمشق بقصد إقامة أو عمل، ولكن مع اندلاع الثورة، كانت مدينة جرمانا أولى المناطق التي دخلت خط التشبيح المباشر مع النظام السوري، وانتدبت العشرات من سكانها ليكونوا لجاناً شعبية تتمركز في المدينة، تعتقل وتسلب وتنهب ما يحلو لها، وتفاقم الأمر بعد تشكيل الميليشيات الموالية، أو ما يعرف باسم القوات الرديفة، والتي يعتبر أبرزها قوات الدفاع الوطني (قادش) ، الميليشيا التي أصبحت السلطة الأعلى في دمشق.

منازل للدعارة وملاهي ليلية بإدارة شبيحة النظام وأزلامه.
الداخل إلى مدينة جرمانا أكثر من الخارج منها، هكذا وصفها لنا أحد سكانها، فمن لا عمل لديه في دمشق لا يخرج من المدينة تجنباً للحواجز العسكرية، أما الداخلين إليها فهم بالمئات يومياً، يقصدون أماكن متشابهة، منازل للدعارة العلنية فاق عددها 300 منزل يتوفر فيها بنات من كل الأعمار والأشكال، بأسعار تتنافس فيها إدارات المنازل لجلب الزبون، وهي مقصد لعناصر الميليشيات الأجنبية الذين يقصدون المدينة للسهر وقضاء الشهوات.

يدير منازل الدعارة بشكل مباشر عدة شخصيات تابعة لأجهزة المخابرات والأمن الجنائي وقادات في ميليشيا الدفاع الوطني، على العلن وغير مهتمين بأحد، ولا رادع لهم أبداً، ويترافق مع منازل الدعارة والملاهي الليلة انتشار لمحلات بيع المشروبات الروحية بشكل كبير، العمل الذي كان يحتاج لتراخيص كثيرة أصبح اليوم مباح في مناطق تحكمها ميليشيات مسلحة، بالرغم من عدة قرارات اتخذتها قيادة النظام لإغلاق الملاهي الليلة ومنازل الدعارة والمحال غير المرخص لها ببيع المشروب، ولكن القوة الموجودة عند أصحاب هذه المنازل والملاهي، والسلطة الذين يتمتعون بها حالت دون تنفيذ ذلك الأمر، وعاودوا الفتح مراراً وتكراراً بعد قرارات الإغلاق بيومين او ثلاثة أيام.
وبالطبع المخدرات والحشيش هي مرافق أساسي لأماكن الدعارة والملاهي الليلية، ويتم ترويجها عبر موظفين متخصصين، فيما تعتبر الرؤوس الكبيرة في المدينة هي مصدر تلك البضائع، ومصدر لكل ممنوع ومخالف تتم ممارسته في جرمانا.

مهجرون مضطهدين… وطائفية حتى في توزيع المعونات
يشكل المهجرين من المحافظات السورية نسبة عالية داخل المدينة، خاصة اولئك الذين لديهم أقارب وأولاد يعيشون في جرمانا منذ زمن، إضافة لآلاف العوائل المهجرة من الريف الدمشقي القريب، بعد أن تم تهجيرهم بفعل آلة الحرب الأسدية، وبالرغم من أن جرمانا ليس بالملاذ الآمن للمهجرين السنة، خاصة أهالي الغوطة الشرقية، فهم مضطهدون داخل المدينة، لأنهم حاضنة للمسلحين الذين يحاربهم النظام وميليشياته، يرون بأعينهم أثاث منازلهم ومنازل شركائهم في التهجير تُباع في أسواق يُطلق عليها بكل فخر “أسواق السنة” تجد فيها ما يحلو لك من أثاث وأجهزة الكترونية، فيما يعتبر سوق الحمصي هو الأبرز على صعيد بيع الأدوات المعفشة.
وبالرغم من وجود جمعيات خيرية ومنظمات إغاثية تعمل لأجل المهجرين، إلا أن المسؤولين عن تلك المراكز هم من أكثر البشر طائفية على الإطلاق، يسرقون قوت المهجرين السنة بشكل علني ويتم توزيعها على المعنيين، ليصل المهجرين فتات الإغاثة التي لا تكفي ليومين أو ثلاثة.

انتشار للعمار العشوائي وتخديم سيئ للمنطقة
لا يحتاج رفع بناء مؤلف من ثلاث طوابق إلى خمسة طوابق سوى التوجه إلى البلدية أو أحد قادة الميليشيات ودفع المطلوب بشكل علني، فكل طابق بمليون ليرة أو أكثر قليلاً حسب المنطقة المراد الإعمار فيها، أما عن منازل الأجرة للمهجرين فتبدأ من 25 ألف ليرة سورية للمنزل الصغير جداً لتصل إلى 200 ألف حسب الموقع والمساحة.
وتبدو المدينة من حيث الخدمات منقسمة إلى نصفين، فالأماكن التي تحوي منازل الدعارة والملاهي الليلية تجدها نظيفة مخدمة بالمياه والكهرباء على مدار الساعة، بينما المناطق السكنية تصلها سيارات القمامة مرة كل أسبوع أو أكثر، مع انتشار ظاهرة الكلاب الشاردة التي باتت تشكل خطراً على السكان. عشرات الشكاوى وصلت إلى محافظة دمشق والجهات الأمنية من أجل تردي الوضع الأخلاق والخدمي في جرمانا ولكن لا حياة لمن تنادي، فحاميها حراميها، والقاضي هنا هو المجرم ذاته.