بحث
بحث

“أبو الطيب”: قائد “اللواء الأول”الذي صار بائع بطيخ


بعد تهجير عناصر من “اللواء الأول” وأهالي برزة نحو الشمال، قرر قائده العام “أبو الطيب” الابتعاد عن العمل العسكري، وعدم المشاركة في تشكيل مليشيات محليّة ولا المشاركة في أي فعالية عسكرية أو سياسية. شرط وافق عليه ممثلو النظام أثناء توقيعهم اتفاقية “التسليم” مع “أبو الطيب”، الذي تم اعتباره وجهاً من وجوه “المُصالحة” في دمشق ومُحيطها.

وتسلّمت قوات النظام حي برزة الدمشقي بعد “تسوية سلمية” في أيار/مايو 2016 مع “اللواء الأول” التابع لـ”الجبهة الجنوبية”، تم خلالها تهجير المئات من أهالي الحي وعناصر الكتائب التابعة لـ”اللواء”، غير الراغبين بـ”تسوية أوضاعهم”.

وأشرف على “التسوية”، إلى جانب “أبو الطيب”، القياديان “أبو بحر” و”المنشار”، اللذان حضرا مؤتمر “الحوار السوري السوري” في سوتشي، وشكلا مجموعات من عناصر “التسويات” لمحاربة المُعارضة جنباً إلى جنب مع قوات النظام.

ولم يكتفِ “أبو الطيب” بالعودة إلى “حضن الوطن” والابتعاد عن العمل العسكري، بل افتتح “بسطة” لبيع البطيخ وبعض الخضراوات والفواكه في مدخل حي برزة. ولكن كيف أمكن أن تسوء أوضاع قيادي سابق في صفوف فصيل معارض مدعوم من غرفة عمليات “الموك”، والمشرف السابق على “المكتب الإقتصادي” في حي برزة، و”المصالح” لقوات النظام؟

“أبو الطيب”، ابن حي برزة، كان قد شغل منصب قائد “اللواء الأول” بعد هدنة العام 2014 في برزة، بتكليف من جميع القادة العسكريين لـ”اللواء”، وأشرف على إنشاء مكتب اقتصادي لحي برزة، والذي وضع بموجبه ضرائب مالية على البضائع التي تمر عبر الحي باتجاه أحياء القابون وتشرين، أو باتجاه الغوطة الشرقية. وجنى المكتب ملايين الليرات خلال أعوام حصار الغوطة وازدهار تجارة الأنفاق. “أبو الطيب” كان أيضاً وسيطاً لتجارة السلاح بين فصائل الغوطة الشرقية، والسوق السوداء التي يحتكرها ضباط النظام وقادة المليشيات الموالية في عش الورور المُتاخمة لحي برزة.

مصادر خاصة أكدت لـ”المدن” أن المبلغ الأخير الذي تسلّمه “الفيلق الأول” من غرفة “الموك” كان قرابة 600 ألف دولار أميركي، كرواتب للعناصر، قبل أسبوع واحد من توقيع اتفاق “التسوية” وإخلاء برزة. ووُزّع من المبلغ حوالي 150 ألف دولار فقط، في حين اختفت بقية المبلغ، وانقطع التواصل بين “الموك” و”اللواء الأول”، بعد توقيع الاتفاق مع النظام.

انتهت معارك الغوطة والأحياء الشرقية، وصالح “اللواء” النظام، وبات قادة سابقون فيه من قادة “مليشيات التسوية” التي تقاتل إلى جانب النظام. ولكن أموال “اللواء” ما زالت تُدار بيد من أجروا “مُصالحة وطنية”. ويملك “أبو الطيب” بالاشتراك مع “أبو وديع” و”أبو محجوب”، مصنعاً لمواد البناء في سليّمة، السلسلة الجبلية المُتاخمة لحي برزة وضاحية الأسد. ويُصدّر المعمل منتجاته إلى حي برزة والغوطة الشرقية، ومحافظتي حمص ودرعا. وتُقدر التكلفة التأسيسية للمعمل بأكثر من مئة ألف دولار.

مصادر “المدن” أكدت أن قادة “اللواء” يسعون للمشاركة في “إعادة الأعمار”، عبر تطوير مصنع مواد البناء، بشراكة شخصيات من النظام، بعضهم مُقرب من زوجة الرئيس، بغرض الاستثمار في تأهيل الأراضي الزراعية والطرقات في حي القابون. وجود أخوال الرئيس من آل شاليش، الذين فرضوا سيطرتهم على المنطقة، حال دون إكمال المُخطط.

ولقادة “اللواء” السابقين حصة في مكتب لتحويل الأموال في اسطنبول التركية، وهم متورطون بتجارة الآثار التي نُقِلت من حي برزة والغوطة الشرقية نحو الشمال السوري، فضلاً عن الاتجار بالبشر. ويعمل هؤلاء على إعادة المدنيين المُهجرين في الشمال السوري إلى الغوطة، وإتمام “تسوية أوضاعهم” مقابل مبالغ مالية.

وتُقدر ثروات القادة السابقين في “اللواء الأول”، بملايين الدولارات، موزعة على مشاريع في الداخل والخارج، وعلى عشرات العقارات والمزارع في حي برزة ومحيطه. ثروة تم تجميعها من تجارة الأنفاق، والتنقيب عن الآثار، واستلام الدعم من غرفة عمليات الموك بعد رفع قوائم وهمية بأعداد عناصر “اللواء الأول” اللذين تبخروا فجأة أثناء “المصالحة” مع النظام.
المصدر: جريدة المدن الالكترونية

اترك تعليقاً