بحث
بحث

معرض دمشق “الروسي”

افتتح معرض دمشق الدولي، ولم تحضر فرقة الرّقة للفنون الشعبية هذه المرة، بل تم استبدالها بفرقة رقص من أبخازيا، التي قُتِل قبل أيام رئيس وزارئها بحادث سيارة بعد عودته من دمشق.

لم يشهد المعرض حضور آلاف السوريين يهيمون من دون وسائل نقل كما حدث العام الماضي. حتى قطار النقل الخاص بالمعرض خرج عن الخدمة بعد يومين، وتقدر تكلفة صيانته بـ1.4 مليار ليرة سورية، بحسب ما تداولته وسائل إعلام موالية.

وسبقت المعرض حملة ترويج واسعة في الاعلام الإيراني، لكن كان للإعلام الروسي الحصة الأكبر، ربما بما يتناسب مع حصصهما من سوريا في إعادة تعويم بشار الأسد تحت مسمى “إعادة الإعمار”. 37 شركة روسية شاركت في المعرض، بحسب وكالات صحافية روسية.

“أزفيستيا” قالت وفقاً لبيان وزارة الصناعة والتجارة الروسية إنه “سيتم توقيع اتفاقيات ثنائية مهمة في هذا الحدث ومن المتوقع أن تكون مرحلة جديدة في التعاون الاقتصادي بين موسكو ودمشق”، وذكرت أن مساحة الجناح الروسي قد تزيد عن 500 متر مربع، في حين قالت وكالة “سبوتنك” أن المساحة هي 453 متراً مربعاً.

ويشهد المعرض عقد “منتدى الأعمال الروسي السوري” في إطار جلسة عامة بعنوان “الحوار التجاري والصناعي: روسيا-سوريا” ويتناول شتى المواضيع المشتركة، من الزراعة وتجارة الأغذية والصناعة والطاقة والمستحضرات الدوائية، فضلاً عن البناء و”إعادة تأهيل” البنية التحتية والنقل والمواصلات والاتصالات في سوريا.

قد يبدو ذلك عادياً خلال أي معرض، لكنه ليس كذلك في بلد يرزح تحت الحرب، ويدار عبر مخابرات وجيوش دول خارجية على رأسها روسيا. الشركات الروسية المشاركة، ومعظمها مختصة بالقطاع العسكري والبنى التحتية، تُعبّرُ عن هدف روسيا من المعرض: الترويج لاسلحتها وشركاتها المهتمة فقط بالموارد الاستراتيجية السورية من الحبوب والثروات المعدنية. ومن الشركات الروسية المشاركة؛ شركة “ألماز – أنتي كونسيرن” Almaz-Antey Concern، وبحسب موقعها الالكتروني فهي رائدة في تطوير وإنتاج أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات، الصغيرة والمتوسطة وطويلة المدى، وكذلك في انتاج أنواع رئيسية من نظم الاستطلاع الرادار وأنظمة التحكم الآلي. شركة “أورالفاغونزافود كوربوريشن” UVZ Uralvagonzavod Corporation فهي واحدة من أكبر 100 مجمع صناعي في العالم، وهي متخصصة بالأسلحة والمعدات العسكرية وسكك الحديد المُدرفلة والخفيفة، وبناء الطرق والمركبات العامة.

“إزفيستا” ركزت على شركة Uralvagonzavod وقالت إن معرض دمشق هو إحدى خطوات ترويج ودخول منتجات السكك الحديدية Uralvagonzavod إلى السوق السورية. UVZ قالت إنها ستقدم وتعرض مجموعة واسعة من معدات بناء الطرق التي تنتجها مجموعة ChTZ-Uraltrak، والتي هي جزء من Uralvagonzavod، كما سيتم تقديم نسخ مدرّعة من الجرافات. بالإضافة إلى ذلك، تنتج الشركة أنظمة حديثة لتوفير الطاقة، وتعمل على الألواح الشمسية. وأوضحت شركة UVZ أن هذه التقنيات ستوفر أنظمة الإضاءة وأنظمة الطاقة في البلاد للمؤسسات والمدن وفق أعلى المعايير.

وتشارك أيضاً في المعرض شركات ذائعة الصيت في مجال الطاقة والمياه، مثل زاربيزيجولوجيا Zarubezhgeologia المتخصصة في دراسة وتقييم المعادن والطاقة والماء والأرض وغيرها من الموارد الطبيعية، فضلاً عن البحوث والمشاريع الجيولوجية الإيكولوجية. وعلى صعيد قطاع الحبوب، حضرت شركة روستستلماش Rostselmash المؤلفة من 13 شركة، ولديها 10 مواقع إنتاج في 4 دول حول العالم، وتقوم بتصنيع المعدات تحت العلامات التجارية ROSTSELMASH & VERSATILE. ويتميز خط إنتاج الشركة بأكثر من 150 طراز وتعديل، مع 24 نوعاً من المعدات الخاصة بالحبوب وحصاد العلف والجرارات والرشاشات ومعدات العلف ومعدات تجهيز الحبوب.

وفي قطاع الصناعات الدوائية تشارك شركة بيوكاد Biocad، وهي من الشركات القليلة في العالم التي تتضمن دورة كاملة من صنع العقاقير: من العثور على الجزيئات إلى الإنتاج الضخم ودعم التسويق. وقد قامت بتصميم الأدوية لعلاج الأمراض الأكثر تعقيداً، مثل السرطان وفيروس نقص المناعة البشرية والتصلب المتعدد.

معرض دمشق الدولي في دورته الحالية هو ترويج للشركات الروسية وقدراتها العسكرية، كما يقدم حلولاً للنظام حول طرق ردم الهوة الناجمة عن التراجع التقني والعملي في إدارة واستخراج ثروات سوريا. ولا يخدم المعرض المواطن السوري سوى بمساحة من الانبهار والفُرجة على حجم القدرة التدميرية للشركات الروسية، والتي اختبرها عملياً خلال عمليات القصف الروسي التي طالت معظم المناطق السورية.

وهنالك أيضاً إزدحام حول “النماذج الكرتونية” للأبنية والمشاريع السكنية التي تتسابق عليها الشركات الروسية، والتي لم يتضح حجم أعمالها سوى من خلال الإعلانات الترويجية السابقة عن رغبة روسيا بأن يكون لها حصة كبيرة في قطاع الإسكان مثل شركة “دورهان” وشركة  “ستروي إكسبورت ميدل إيست”. وعلى الأغلب، فلن تبصر تلك المشاريع النور على المدى القصير، وإن أبصرت فلن يتمكن المواطن السوري الموسوم بعبارة “ذو الدخل المحدود” من شراء هذه المساكن، التي ستقام على أنقاض بيوت كانت يوماً شاهدة على جرائم نظام الأسد وحليفه الروسي.

المصدر: جريدة المدن الالكترونية. 

اترك تعليقاً