بحث
بحث

مخيم اليرموك: غزوة التعفيش والتنحيس


دخلت جحافل مليشيات النظام المتعطشة لعمليات التعفيش مخيم اليرموك في 21 أيار/مايو، بعد خروج آخر الشاحنات والحافلات التي أقلّت مقاتلي “الدولة الإسلامية” وعوائلهم نحو الشمال والبادية تنفيذاً لاتفاق عقده التنظيم مع الجانب الروسي بعد شهر من العمليات العسكرية.

كاميرات الإعلام الرسمي وفرق الهندسة المُتخصصّة بإزالة الألغام لم تستطع الدخول مُباشرة إلى كافة المناطق التي “حررتها” المليشيات، واكتفت بالتجوّل قي الشوارع الخارجية، بسبب عمليات التعفيش التي بدأت مُباشرة فور خروج القوافل. التعفيش كان يُحضّرُ له قبل يومين، بعد اتفاق “وقف إطلاق النار” في المنطقة، وجُهّزت عشرات السيارات لنقل المسروقات باتجاه منازل كِبار الضباط، وأسواق بيع الأدوات المُستعملة.

الصور تم تسريبها عبر الإعلام الموالي، بعضها مصادفةً وأًخرى قصداً، لعناصر يحملون أدوات منزلية مسروقة ينقلونها خارج مخيم اليرموك والحجر الأسود. مئات البرادات والغسالات تم ترحيلها مُباشرة بعد خروج “داعش”، وسط حالة من الغضب سادت صفوف المليشيات الفلسطينية التي تنتظر العودة إلى مناطقها.

عشرات العناصر من أبناء المخيم والحجر الأسود المنضوين في ألوية موالية للنظام، دخلوا مناطقهم برفقة أهلهم، فوجدوا أن عمليات التعفيش طالت منازلهم أمام أعينهم. فيديو مصوّر لإعلامي في “لواء القدس الفلسطيني”، انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي، نقل مشادة كلامية بينه وبين مقاتلين علويين، بعد وصوله إلى الحي الذي كان يقطنه، ومشاهدته لهم يقومون بتعفيش البرادات والغسالات من منزله ومنازل جيرانه.

وسارع عناصر من المليشيات الفلسطينية الموالية، الى دخول المخيم والحجر، وتفريغ منازلهم ومحالهم التجارية بعد انتهاء المعارك، خوفاً من عمليات التعفيش بيد أخوة السلاح ورفاق الدرب من المليشيات الأخرى. غزوة التعفيش لم تستثنِ حتى خزانات المياه التي أكلها الصدأ.

وبحسب مصادر “المدن”، فإن عدداً من القتلى وقرابة 15 جريحاً وصلوا إلى مشافي دمشق نتيجة انفجار ألغام زرعها “داعش” في الغسالات والبرادات قبل انسحابه من المنطقة. وفي حادثة هي الأولى من نوعها، انفجرت جثة لعنصر من التنظيم كانت مُلغمة بحزام ناسف، وبعض العبوات الصغيرة تحتها، أثناء سحبها من منطقة أرادت المليشيات فتح الطريق إليها وإزالة الأنقاض. انفجار الجثة خلّف 3 قتلى وعدداً من الجرحى.

وذكرت شبكة “صوت العاصمة” التي تُغطي أحداث دمشق وريفها، أن مليشيات “الدفاع الوطني” اعتقلت قرابة 30 شاباً من أحياء الميدان والزاهرة في دمشق، وساقتهم لعمليات “سخرة” لنقل وتحميل المسروقات من مخيم اليرموك والحجر الأسود.

وقال شهود عيان دخلوا مخيم اليرموك للاطمئنان على منازلهم، لـ”المدن”، إن المنطقة قُسّمت إلى قطاعات متعددة من حيث توزيع المسروقات؛ منطقة لتجميع الشاشات التلفزيونية، وأخرى للموبيليا والأثاث المنزلي، وثالثة للبرادات، ورابعة للغسالات.

المسروقات الثمينة تُخصص مباشرة لضباط قوات النظام و”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين/القيادة العامة”، وقادة المجموعات في المليشيات الموالية. ويتم نقل تلك المسروقات الحصرية في سيارات خاصة، نحو منازل الضباط، ليتم بيع بعضها لاحقاً في متاجر البضائع المستعملة. ما تبقى من محتويات فهي مُباحة لعناصر المليشيات، ويتم بيعها في أسواق المُستعمل، التي لم تفرغ بعد من مسروقات الغوطة الشرقية، حتى الآن. وتتركز تلك الأسواق في أحياء دويلعة وجرمانا وضاحية الأسد ومساكن السومرية وشارع الثورة.

مصدر خاص قال لـ”المدن” إن السرعة في عمليات التعفيش في المخيم والحجر جاءت خوفاً من انتشار روسي في المنطقة، على غرار ما جرى في البلدات المجاورة؛ يلدا وببيلا وبيت سحم، بعد انسحاب المُعارضة منها. وكذلك لأن الجانب الروسي هو المُفاوض الرئيس في اتفاق المخيم، وأن تمركز الشرطة العسكرية الروسية وانتشارها داخل المخيم والحجر، سيُوقف عمليات التعفيش بشكل نهائي، ويمنع عناصر المليشيات من الاقتراب. قبل أيام قليلة اعتدى ضباط روس على ضابط في “الحرس الجمهوري”، أمام عناصره، في بلدة ببيلا، لمنعه من سرقة منزل وتعفيش محتوياته.

الخوف من التدخل الروسي سرّع من عمليات “التنحيس” التي يتم فيها استخراج النحاس من الكابلات الكهربائية في المنازل والتوصيلات تحت الأرضية. وعادة ما تتم عمليات “التنحيس” بعد الانتهاء من “التعفيش”، إذ تدخل ورشات مختصة بذلك، لتعمل بهدوء بعد انتهاء صغار العناصر من التعفيش.

مصدر مطلع أكد لـ”المدن” أن مليشيات النظام تسببت بتضرر الكابل الضوئي الخاص بالإنترنت تحت الأرض، خلال عمليات سحب الكابلات الكهربائية باستخدام السيارات والمُدرعات، ما تسبب بانقطاع الانترنت عن أحياء التضامن ومحيط مخيم اليرموك لمدة 48 ساعة تقريباً، حتى تدخلت ورشات وزارة الاتصالات وأجرت عملية صيانة.

وطالب موالون وعلى رأسهم أحد أعضاء “لجنة المُصالحة” في مخيم اليرموك الشيخ محمد العمري، بشار الأسد، بإيقاف عمليات التعفيش التي تجري في المخيم. وكان أعضاء “لجان المُصالحة” في الغوطة الشرقية، قد استنجدوا عبثاً ببشار، من دون أن تتدخل أي جهة أمنية أو عسكرية لوقف التعفيش. وعلّق أحد الموالين في شبكات التواصل الاجتماعي بعد نشر آثار الدمار في المخيم: “تحدثوا عن تعفيش منازلنا واتركوا صور الدمار.. فلا حاجة لنا بها”.

المصدر: جريدة المدن الالكترونية. 

اترك تعليقاً