بحث
بحث

ما لا تعرفه عن مؤسس الشرطة في الغوطة “جمال الزغلول” 

صوت العاصمة – خاص 
ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي بنبأ اغتيال “جمال الزعلول” المدعو أبو خالد، قائد الشرطة المدنية سابقاً في الغوطة الشرقية، وأحد المهجّرين من مدينة عربين باتجاه الشمال السوري.

ميليشيا قسد تبنت عملية الاغتيال التي أودت بحياة جمال وزوجته، فيما اتهمت شخصيات معارضة أبرزها “خالد الخوجة” فيلق الرحمن باغتياله، واصفاً إياه بأنفس ما انتجته الثورة السورية.

واحد من صناديق القطاع الأوسط السوداء، ابو خالد جمال الذي ولد في مدينة عربين عام 1975، حصل على الشهادة الثانوية بعد عدة محاولات باءت بالفشل، ولم يُكمل تعليمه الجامعي وانتقل للعمل في تعهدات البناء حتى عام 2006، عُيّن في الثانوية الشرعية بمنصب “موجه” بعربين بدعم من أصحاب شركة الدرة للمواد الغذائية بموجب الشهادة الثانوية، مع استمرار عمله كمتعهد بناء.

اعتقل زغلول مطلع عام 2012 وبعد خروجه من السجن اقتحم الوسط الثوري، رغم أنه كان من أشد المعارضين للمظاهرات التي نادت بإسقاط النظام، وسبق له بأن تعدى بالضرب على عشرات الطلاب من أبناء الثانوية العامل فيها، بعد خروجهم بمظاهرات ضد نظام الأسد بالقرب من المدرسة.

بعد تحرير مدينة عربين في آب 2012، برزت الحاجة إلى كتيبة شرطة لضبط المنطقة، وتم تكليف الزغلول بتشكيل كتيبة الشرطة المدنية واستلامها لمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر. ارتبط الزغلول بهدها بجهات داعمة في قطر والسعودية، قبل بروز الخلاف بين الدولتين على أرض الغوطة، واستجلب دعم لكتيبة “الشرطة” التي قادها من جهات خليجية وبدأ بتوسيع عمله حتى أصبح أحد أبرز الشخصيات العسكرية في الغوطة الشرقية.

ساهم الزغلول بإخراج كميات كبيرة من المواد الغذائية من مدينة عربين نحو دمشق بالتنسيق مع كبار التجار وأصحاب المستودعات، وأشرف شخصياً على نقل مئات الأطنان من الحبوب والبقوليات والأرز باتجاه معبر المليحة وتسليمها للتجار عند حاجز النظام، مقابل مبالغ مالية تعود لشخصه والمقربين منه. رغم اعتراض كبار شخصيات عربين على عمليات إخراج تلك البضائع، واليقين السابق أن النظام سيحاصر الغوطة عاجلاً أم آجلاً، لم يتوقف زغلول عن عمليات تفريغ المستودعات لصالح التجار المُقيمين في مدينة دمشق.

شخصيات وفعاليات مدنية حاولت حينها منع زغلول من ذك الأمر وإيقافه عن إخراج المواد الغذائية، خاصة مع التصعيد العسكري للنظام والتضييق على الحواجز المحيطة ووضوح نية النظام بإغلاق المعابر وبدء الحصار، لكن ذلك لم يمنعه من إكمال مسيرته في إخراج البضائع وتفريغ أكبر ميناء غذائي في على مستوى سوريا. مئات الأطنان من مادة الأرز التابعة لشركة معدنلي تم إخراجها بحجة أن أهالي الغوطة الشرقية “لا يأكلون الأرز الطويل” رغم أن ملامح الحصار في ذلك الوقت كان قد بدأت بالظهور.

بعد الانتهاء من إخراج المواد الغذائية وقبض ثمن نقلها باتجاه معبر المليحة، وثمن حمايتها من السرقة في الفترة التي سبقت إخراجها، بدأ زغلول بالتعاون مع أحد القضاة بالمدينة بفتح المستودعات المتبقية في عربين، والتي تحوي مواداً غير غذائية، وبدأت عمليات البيع لأهالي الغوطة الشرقية، ووضع المال الناتج عن عملية البيع لصالح مخفر الشرطة والمجلس المحلي. نسبة كلاً من المجلس والمخفر كانت قرابة 25% من المبالغ الاجمالية للبضائع، الأموال التي تم جمعها والتي كان جز منها عائد للاتحاد الإسلامي لأجناد الشام قبل انخراطه في صفوف فيلق الرحمن، تمت الاستفادة منها لافتتاح مؤسسات غذائية ومدينة ألعاب للأطفال.

ومع تشكيل القادة الموحدة في الغوطة الشرقية، تم توحيد المخافر تلقائياً وترشيح أبو خالد الزغلول ليكون قائداً للشرطة الحرة في الغوطة الشرقية، مع إهمال دور عشرات الضباط المنشقين والأشخاص الحقوقيين وإغفال الشهادات العلمية، وكان وجود زغلول في هذا المنصب كون المناصب القيادية توزعت بين فيلق الرحمن والاتحاد الإسلامي وجيش الإسلام، فجاء نصيب زغلول كقيادة للجهاز الذي من المفترض أن يبقى في قيادته لمدة 3 أشهر فقط وامتدت ست سنوات.

وشغل زغلول عدة مناصب في آن واحد، وهي خطيب وإمام مسجد، وعضو مجلس أمناء الثورة في عربين، ورئيس مخافر الغوطة الشرقية، وعضو الهيئة الشرعية في عربين والغوطة، ورئيس الهيئة العامة في عربين وعضواً في الهيئة العامة للغوطة الشرقية، بدعم كامل من الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام التابع لتيار الاخوان المسلمين.

ساءت العلاقة بين فيلق الرحمن والزغلول في الشهور الأخيرة قبل الخروج من الغوطة الشرقية، نتيجة رفض الأخير عدة أوامر صادرة عن قيادة فيلق الرحمن، واعتراض أوامر قائد الفيلق “ابو النصر” واعتداءات متكررة من المكتب الأمني للفيلق بحق زغلول، مما دفعه للاستقالة من منصب قيادة الشرطة في الغوطة الشرقية ويتسلم الهيئة العامة للثورة في مدينة عربين، والتي اتضح لاحقاً وأثناء عمليات التهجير أن معظم اعضاءها من المواليين للنظام الذين فضلوا البقاء والتسوية عن الخروج إلى شمال سوريا.

ومع محاولة الزغلول إعادة إحياء المخافر بعد استقرار الآلاف من أبناء الغوطة في قرى عفرين بدعم تركي كامل، تم اغتياله على يد جهة لا تزال مجهولة لم تريد له أن يتسلم عمليات حفظ النظام من جديد.

اترك تعليقاً