بحث
بحث

دمشق بعد الضربة:القاهرة 1956 أم بغداد 2003؟

هدوء يمكن وصفه بـ”الطبيعي” تعيشه دمشق، بعيد ضربة الفجر الغربية العسكرية. المتجول في طرقات المدينة، يرى شوارع شبه مكتظة، مع زيادة الحواجز الأمنية والعسكرية تدقيقها للعابرين، على مداخل المدينة.

الحالة الطبيعية في دمشق، تُستَثنى منها ساحة الأمويين، التي تشهد تجمعاً من موالي النظام، ممن خرجوا منذ الصباح، تنديداً بالضربة الغربية على سوريا. تعود الذاكرة بالمتجول، إلى مشاهد العراقيين في ساحات بغداد، بعيد الغزو الأميركي للعراق في العام 2003. حينها خرجوا لاظهار ما وصفه الاعلام العراقي انذاك بـ”التفاف الشعب حول صدام”. أحد وجوه الاختلاف في ذلك عن تجمع الأمويين، في 14 نيسان/أبريل 2018، أن هناك إدراكاً ضمناً من المتظاهرين، بأن هذه الضربة العسكرية لم تستهدف الأسد، ولم تسعَ لاسقاطه.

الحشود الشعبية جاءت من مناطق “مزة 86” وعش الورور ومساكن “الحرس الجمهوري”، أبرز التجمعات المناصرة للأسد في محيط دمشق، في محاولة لابراز الدعم الجماهيري للنظام، وفق ما أعلنه المحتشدون، الذين أكدوا “فشل المؤامرة” التي قادتها دول الخليج التي دفعت الأموال للدول الغربية لتقصف سوريا، لكن سوريا “استوعبت الصدمة” ولا زالت “صامدة منتصرة”.

المحتشدون انطلقوا في مسيرات بين أوتستراد المزة وساحة الأمويين، ترافقهم كاميرات الاعلام الرسمي، يُعلنون النصر على ما أسموه “العدوان الثلاثي على سوريا”. في محاولة للربط مع صورة مصر إبان العدوان الثلاثي العام 1956. مصر حينها واجهت العدوان وحيدة، وصمدت. ربما، غمز البعض من قناة أن سوريا، وحيدة أيضاً، إذ أن روسيا، بعظمتها في سوريا، اختارت عدم اعتراض الصواريخ الغربية، “منعاً لاندلاع الحرب العالمية الثالثة”. الماكينة الاعلامية للنظام حاولت استنساخ صورة مصر في خمسينات القرن الماضي، باطلاق تسمية “العدوان الثلاثي” على الضربة الأميركية الفرنسية البريطانية.

وعلمت “المدن” إن عدداً من “أمناء الفرق الحزبية” توجهوا إلى أعضاء “حزب البعث” بالدعوة لتنفيذ اعتصامات تنديداً بالضربة الأميركية، بناءً على توجيهات أمنية. 

وشهدت حارة الجورة وشارع الأمين في دمشق القديمة، وهي مناطق تقطنها أغلبية شيعية، استنفاراً من قبل المليشيات، بعد أوامر بـ”رفع الجاهزية”، تحسباً لأي احتمال لـ”صد العدوان الغربي”، وفق رواية “اللجان الشعبية” في المنطقة. في حين وضع العديد من المحلات مقاطع صوتية لأمين عام “حزب الله” اللبناني. وتجمع عدد من الأشخاص في مسجد الزهراء بحي الأمين، وخطب أحد سكان الحي بالناس، عن الضربة الأميركية لدمشق، واصفاً إياها بـ”العدوان”، وتابع بأنه “آن الآون لتلعب دمشق دور الضاحية الجنوبية إزاء العدوان الاسرائيلي، إذا ما تتالت الضربات الأميركية” على العاصمة السورية.

أحد التجار، اعتبر في حديثه لـ”المدن”، أن أثر الضربة العسكرية اليوم “قد يكون محدوداً، عسكرياً وسياسياً، في حين أن الخطر الأكبر قد يكون اقتصادياً، خاصة أن النظام أصبح تحت مرمى النيران الدولية بشكل مباشر، هذا إن لم يتم استتباع الغارة اليوم، بضربات أخرى فهذا يعني أننا مقبلون على انكسار اقتصادي كبير، قد لا يستطيع المصرف المركزي القيام بأي رد أمام تدهور قيمة الليرة”. وبدأ تراجع الليرة السورية بشكل حاد أمام الدولار، قبل ثلاثة أيام، ويتوقع التاجر “أن يستمر التدهور، خصوصاً اذا ما استمرت الضربات”.

قلق التجار من أثار الضربة انعكس على حركة الأسواق، وخفض العديد من التجار نشاطاتهم  بعد ساعات من الضربة، محتفظين بالمواد في المستودعات، في حين امتنع العديد من تجار الجملة للتبغ عن طرح بضائعهم لتجار المفرق، ريثما يستقر سعر الصرف على حد تعبيرهم. ولم يُسجل فقدان أي سلعة رئيسية، من الأسواق، حتى اللحظة.

في مطار المزة الذي كان له نصيب من الضربات العسكرية فجراً، قامت قيادة المطار العسكرية بالاتصال بجميع الضباط وصف الضباط، والزامهم بالالتحاق بدوامهم، وقطع المهمات الإدارية للموكلين بها، والالتحاق فوراً بالمطار.

بينما علقت المنظمات الدولية عملها في دمشق، السبت، حتى إشعار آخر، ومنعت موظفيها من الالتحاق بدوامهم لـ”دواعٍ أمنية” وفق تعميم وزعته على الموظفين، بعيد الضربة العسكرية.

في حين وصل إلى “تلفزيون سما” و”قناة الاخبارية السورية”، تعميم بعدم استقبال ضيوف، أو تناول الضربة العسكرية من دون التنسيق وأخذ موافقة دائرة الاعلام في القصر الجمهوري، بشكل مسبق.

مباني “البحوث العلمية” في كل من برزة وجمرايا، لم تستقبل موظفيها، بعد تعرض أجزاء منها للقصف، في حين ألزم عدد من الموظفين بالتوجه إلى وزارة الدفاع لاتمام أعمالهم هناك.

وشوهد خروج قافلة من المقاتلين التابعة للمليشيات الشيعية، من مطار دمشق الدولي، باتجاه دمشق. وتألفت القافلة من حوالي 150 مقاتلاً موزعين على 5 حافلات. مصادر “المدن” أشارت إلى أن هذه القافلة، وصلت مباشرة، من طهران. ويشار إلى أن إيران، ومنذ بداية تدخلها العلني في سوريا، لا تستخدم المطارات العسكرية لاستقدام مقاتليها، بل تلجأ إلى المطارات المدنية، وأهمها مطار دمشق الدولي.
المصدر: جريدة المدن الالكترونية. 

اترك تعليقاً