بحث
بحث

برلمان الطبل والزمر المنفصل عن الواقع.

في الوقت الذي تعيش فيه سوريا تدهور اجتماعياً واقتصادياً على كافة الأصعدة، وتخطي قسم كبير من الشعب السوري حاجز الفقر، وفي ظل أزمة السكن والمواصلات والتجنيد الإجباري وموجة الهجرة، وعشرات المشاكل الأخرى التي يُفترض أن يتم حلّها عبر ما يسمى “البرلمان السوري” 

ولطالما أثار اسم “البرلمان السوري” أو ما يُعرف محلياً باسم “مجلس الشعب” موجة من السخرية في أوساط الشارع السوري بشقيه الموالي والمعارض، حتى في عهد ما قبل الثورة السورية، لما يحويه من أمور هزلية وانفصال عن الواقع السوري خاصة في السنوات الأخيرة، وذهاب الأعضاء إلى مناقشة أمور لا تمت للواقع بصلة.

ففي الجلسة الاخيرة التي يتم انعقادها دورياً لأعضاء البرلمان في المبنى المعروف وسط دمشق، ناقش أعضاؤه طلبات غريبة وكأنهم يعيشون على كوكب آخر وليس في سوريا المُنهكة المُدمّرة.

وطالب الصناعي وعضو مجلس الشعب “فارس الشهابي” المعروف بولائه للنظام وتمويل ميليشيات موالية في مدينة حلب، طالب وزير النقل بإنشاء سكة حديد بين سوريا والصين، مُطلقاً عليه اسم “طريق الحرير الحديدي”، واعتبر أن الأمر سيكون مصدر ثروة ودخل يعوّض عن مصادر الثروة الباطنية النفطية في سوريا.

النائب في لجنة الإرشاد والتوجيه “محمد عجيل” تقدم بطلب نقل مرفأ اللاذقية من مكانه الحالي إلى خارج المدينة عوضاً عن توسيعه، رغم أن حركة الملاحة في سوريا غير قوية كما كانت عليه قبل إندلاع الثورة السورية وتقتصر على الواردت من الدول الحليفة للنظام السوري.

وفي طلب غريب يخص الأعضاء، توجه عجيل إلى طلب خاص لوزير النقل بافتتاح قاعدة شرف في مطار دمشق الدولي، ليكون مخصصاً لأعضاء المجلس وضيوفهم فقط.

وخلال الجلسة التي عُقدت لمناقشة خطة وزارة العمل، طلب المرشح عن “باقي فئات الشعب” من الفئة (ب) الدكتور النائب “محمد العجي” وزير النقل بدارسة وتنفيذ نفق يربط بين المنطقتين الساحلية والوسطى مروراً بمنطقة الغاب لاختصار المسافة والجهد المبذول خلال المرور من المناطق الجبلية.

وفي المدينة التي تحوي أكثر من 300 حاجز أمني وعسكري يتسبب بأزمة مرورية خانقة على مدار الساعة “دمشق”، طالب النائب “يحيى عوض” بإقامة ميترو أنفاق لإنهاء أزمة النقل في مدينة دمشق، فيما أشار النائب “خليل طعمة” عن ضرورية اعتماد الوزارة على وسائل النقل الحديثة كالسيارات الكهربائية عوضاً عن تلك التي تعمل بالوقود، في الوقت التي يُمنع فيه استيراد السيارات العادية إلى سوريا منذ أكثر من خمسة أعوام بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

الأعضاء الذين طالبوا بميترو أنفاق وسيارات كهربائية، تناسوا الأزمة التي تتسببها الحواجز العسكرية، وتناسوا طلب تخفيف الحواجز التي ليس لها عمل إلا إذلال المواطنيين وعرقلة السير، فضلاً عن مجلسهم نفسه، والذي يتسبب كل يوم ثلاثاء بأزمة خانقة في وسط دمشق بسبب إغلاق الطُرقات المُحيطة بالمجلس خلال انقعاد جلساتهم الدورية.

وتأتي هذه الطلبات العجيبة بعد سلسلة من الفضائح التي طالت العضو “محمد قبنّض” والتي بدأت بتسريب فيديو مصور له يطلب فيه تفعيل سياسة “الطبل والزمر” وسط كلام غريب وغير مفهوم تم القاؤه خلال إحدى الجلسات، وكانت آخره فضائحه هي إذلال المُهجرين قسرياً من الغوطة الشرقية نحو مراكز الإيواء، حين خرج في فيديو مصور يطالب فيه المُهجرين بفعل بطش آلة الحرب الأسدية بالهتاف لقاتل أولادهم مقابل قارورة ماء وربطة خبز.

ويتسائل موالون للنظام عن كون مجلس العشب فعلاً قد تم تخصيصه للشعب، أم أن هؤلاء الأعضاء يُرشحّون أنفسهم طمعاً بالحصانة التي تخولهم بإنشاء تجارات وصفقات مشبوهة، وسط تناسي تام لهموم ملايين الفقراء والمُهجّرين عن مناطق المعارك والقصف، خاصة أن الطريقة التي يتم فيها اختيار الأعضاء في زمن حكم آل الأسد مفضوحة للقاصي والداني، فلا يحصل على هذا الكرسي إلا كل موالي وسارق ومتسلق على حساب الشعب.

اترك تعليقاً