بحث
بحث

روضات الأطفال والمدراس الخاصة بدمشق تجارة ازدهرت في ظل الحرب

صوت العاصمة – خاص 
الدمار الذي حلّ في الريف القريب لدمشق وبعض الأحياء المحسوبة على المدينة، إضافة لنزوح ملايين الناس إلى العاصمة هرباً من القصف الذي طال معظم المحافظات السورية، فتح أمام تجار الحرب طرقاً كثيراً للاستيلاء على كل شيء ووصولاً إلى التعليم.

وفي ظل الفوضى التي تعيشها دمشق وعدم وجود نظام واضح للتراخيص والاعتماد على المعارف والمحسوبيات خاصة من اولئك التجار الذين يعملون على دعم الميليشيات الموالية، رخصت التربية أكثر من 85 مدرسة وروضة في ظل الحرب السورية خلال الأربع سنوات الأخيرة في دمشق وحدها.

تمشي في شوارع هذه المدينة فترى هنا لافتات تدلك على روضة أو مدرسة خاصة، وهناك تجد لوحة تعلن عن افتتاح روضة أخرى بعد أيام، لتجد بعض شارعين إعلاناً عن قسط مريح في روضة ثالثة.

أبنية غير مطابقة للمواصفات، وكثير منها بين التجمعات السكنية، وباحات مفتوحة على المنازل تصدر ضجيجاً منذ الصباح الباكر على أهالي المنطقة، لا يمكن لأحد أن يغلق تلك الروضة فهي لفلان من الناس، التاجر المعروف، أو ربما تعود لأحد ضباط المخابرات، أو احد حديثي النعمة من قيادات الدفاع الوطني أو الفرقة الرابعة. وبالطبع لا تستطيع لجان وزارة التربية التدخل، فسوف يتم طردها من المدرسة أو الروضة، بعد أوامر من الذين اعلى منهم بترك صاحب المنشأة التعليمية يتصرف كما يحلو له فهو أحد رموز الوطن والداعمين للقوات الرديفة، أو أحد الداعمين لليرة السورية.

الحرب الدائرة وانتشار السلاح وأصوات القصف التي تُسمع في دمشق، وهجرة العشرات من كل عائلة، واختفاء آخرين في المعتقلات، جعل من الروضات مكاناً للتنفيس عن الطفل وجعله ينسى الظروف التي تمر عليه يومياً، وهو أمر جيد خاصة إن ترافق مع وجود أخصائيين للدعم النفسي، هكذا يقول أحد أساتذة دمشق القديرين لشبكة “صوت العاصمة” 

ويكمل الاستاذ قائلاً: الموضوع يكون ضرورياً ضمن شروط، ولكن ما يحصل في دمشق هو تجارة وليس تعليم، فالروضة عبارة عن قبو في بناء سكني بآجار زهيد وبعض الديكتور وعدد من المدرسات الغيرجامعيين في كثير من الأحيان، بالمقابل وجود مئات الطلاب في تلك الروضة، بأقساط تبدأ من 50 ألف ليرة سورية لتنتهي ب 250 ألف ليرة في بعض الأحيان، عدا أقساط النقل والمميزات الأخرى كالطعام واللباس والرحلات الترفيهية.

ويضيف: التربية على معرفة تامة بالمخالفات التي تجري في هذه الروضات، فلا منهج واضح للتعليم ولا مدرسين يتمتعون بكفاءات عالية لتدريس الأطفال، فهو أصعب من تدريس الكبار كما يعلم كل يعمل في السلك التعليمي. ولكن الوزارة في موضع ضعف أمام أصحاب تلك المدراس والروضات، وحتى إن قامت بإغلاق إحداها سيتم فتحها خلال أسبوع أو ربما أقل.

إن التكاليف العالية للروضات تمنع الكثير من العوائل من إرسال ابنائهم إليها، مع أنها ضرورية لتهيئ الطفل للتكيف مع المدرسة في مرحلة التعليم الأساسي. الأمر الذي دفع البعض إلى أرسال أبنائهم لفصل واحد فقط قبل دخول المدرسة الحكومية في التعليم الأساسي.

أحد الآباء وفي حديث مع شبكة “صوت العاصمة” تحدث عن مشكلة المواصلات في الروضة التي يضع ابنه فيها فقال: أنا غير قادر على توصيل ابني صباحاً وإحضاره بعد انتهاء الدوام، بالموضوع صعب عليي فأنا في عملي، وبالرغم من وجود باصات خاصة بالروضة، إلا أن طفلي يعترض يومياً على الركوب فيه بسبب السلوك الممارس من قبل المسؤولين عبر تعبئة الباص بضعف عدد الطلاب الذي يستوعبه، فيضطر الأولاد للركوب فوق بعضهم، وعندما نذهب للحديث مع الإدارة فيكون الرد: هذه هي الخدمات المتوفرة إن لم تعجبك تفضل وخذ ابنك إلى مدرسة أخرى، مع معاملة سيئة كأننا في دائرة حكومية، وبالطبع لا مجال الشكوى في الوزارة فلا حياة لمن تنادي.

وتفرض إدارة بعض الروضات الكثير من التكاليف الإضافية على القسط السنوي المخصص لكل طالب، فالأعياد الرسمية والدينية تقام لها حفلات كرتوينة وغيرها وكلها على حساب الطالب، وبالطبع لا مهرب من الدفع.

ينهي الأب حديثه مع مراسلنا: هذا حال التعليم في بلد يسوده الفساد، وتحكمه ميليشيا مسلحة، فأنا واثق أن صاحب تلك الروضة جاهل يا يعرف القراءة، وأنه حصل أمواله عبر السرقة وعمليات التعفيش، كحال أغلب التجار الجدد في هذه البلد.

اترك تعليقاً