بحث
بحث
مشروع دمر غرب دمشق ـ صوت العاصمة

مشروع دمر.. دعارة ومخدرات بتسهيلات من الأمن العسكري

تصيّد للزبائن من المطاعم، وكمائن أمنية لتحصيل المال


“الشام الجديدة ترحب بكم”… لافتة تطالع القادم إلى منطقة مشروع دمر الواقعة غرب دمشق، والتي تعتبر من المناطق الراقية والحديثة نسبياً.

يبعد مشروع دمر حوالي عشر دقائق عن حي المزة، ويرتفع عشرات الأمتار عن العاصمة دمشق ليتميز بطقس أكثر اعتدالاً ونقاء. وقد بدأت العائلات بالانتقال للسكن فيه في أوائل ثمانينات القرن الفائت، لما شهده من حركة بناء وتنظيم عمراني مميز، حيث تتوزع الأبنية في كتل يطلق عليها اسم “جزر”، وتضم كل جزيرة مرآباً وسوقاً وحدائق، كما تتمتع الأبنية بخدمات مركزية تشمل التدفئة والمياه والكهرباء.

وبعد التوسع والتحديثات التي طالت “مشروع دمر” في السنوات الأخيرة، باتت تعرف بمنطقة الرقي الجديد بعد أحياء المالكي وأبو رمانة والمزة وغيرها، وهي أرقى أحياء العاصمة السورية. وأصبحت هذه المنطقة الجبلية تعج بالحركة ليل نهار، خاصة مع أمانها النسبي وهدوئها وبعدها عن أجواء الحرب التي تعيشها أحياء أخرى في دمشق.

إلا أن تبعات الحرب الاجتماعية لم تستثنِ هذه المنطقة الراقية بإطلالتها الرائعة، حيث يرصد مراسلو شبكة صوت العاصمة انتشار تجمعات الدعارة في عدد من جزر المشروع خاصة تلك المرتفعة، وهي تجمعات لم تعد مقتصرة على ساعات الليل المتأخرة، بل باتت منتشرة في وضح النهار، مستغلة قدرات السكان المادية، ومتواطئة مع عدد من ضباط أمن مسؤولين عن المنطقة.

سرية المداهمة – الفرع 215
يعد هذا الفرع مسؤولاً عن مشروع دمر إضافة إلى مناطق أخرى مثل المزة وضاحية قدسيا وقرى الأسد. وقد سهّل انتشار دوريات هذا الفرع ومتطوعيه والعاملين فيه ضمن تلك المناطق توطيد العلاقات والصداقات مع “بنات ليل” وتسهيل عملهن مقابل مبالغ مالية ضخمة.

يسير مازن كل يوم صباحاً من شارع يعرف باسم “كورنيش 16” في مشروع دمر، وهو شارع يطل عالياً على أجزاء من العاصمة دمشق وأبنية المشروع المرتفعة، ليرى عشاقاً يلتقطون الصور مستغلين جمال الإطلالة. وما أن تمر ثوانٍ حتى يرى سيارة ذات زجاج أسود، بات جميع السكان يعرفون مهمتها، وسائقيها وأغلبهم من النساء.

فأصحاب هذه السيارات أصبحوا معروفين بممارسة الدعارة العلنية أو ما يعرف بدعارة الشارع، وذلك بتسهيل علني من ضباط الأمن الذين يستفيدون مادياً من انتشار هذه الظاهرة، كما أنهم أصبحوا زبائن يوميين لفتياتها أمثال سارة ونيرمين ورهف وأسماء، واللواتي أصبحن أشهر من نار على علم في مشروع دمر.

وتتحدث رهف ذات الأربعة وعشرين عاماً عن ممارستها هذه المهنة علناً في أكثر مطاعم دمشق شهرة، حيث تصطاد زبائنها في تلك المطاعم وتصطحبهم إلى منزلها الكائن في المشروع ويتم الدفع هناك بالدولار الأمريكي في معظم الأحيان. وتتابع رهف: “أصبحت حياتي فارغة بعد وفاة أمي بمرض عضال وأبي قنصاً في إحدى مناطق ريف دمشق، ولا أخوة لدي سوى أخت متزوجة من رجل أعمال”.

بعد انتشار أخبار هؤلاء الفتيات رغب “جاد”، وهو شاب يبلغ من العمر واحداً وعشرين عاماً، أن يجرب دخول واحدة من تلك الشقق مع أصدقائه. وما أن بدأت السهرة حتى دخلت دورية تابعة للفرع 215 وهددت الجميع بالاعتقال بتهمة ممارسة الدعارة. ولم يكن أمام جاد وأصدقائه من حل سوى دفع مبلغ يقارب مئتي ألف ليرة سورية (حوالي أربعمئة دولار) لتجنب الاعتقال والعودة إلى منازلهم سالمين.

ويتحدث السكان عن تجارب لشبان آخرين اصطحبوا بعض هؤلاء الفتيات من مطاعم فخمة في دمشق (مثل مطعم لمبرغيني) إلى منازلهن بمشروع دمر رغم عدم وجود معرفة مسبقة، لتنتهي القصص كسابقتها بدفع مبالغ تصل حتى 500 دولار أمريكي لعناصر الدوريات المسؤولة عن المنطقة والتي بات الابتزاز واستغلال شبكات الدعارة أحد أهم مصادر رزقها.

ولا تقتصر العلاقة بين عناصر الدوريات وحتى الضباط المسؤولين عن المسح الأمني والإحصاء الشهري للمنطقة وبين أولئك الفتيات على المنفعة المادية فقط، بل تعدتها ليكونوا زبائن شبه دائمين لديهن.

وضمن سياق متصل، تنتشر ظاهرة تجارة وتعاطي المخدرات في مشروع دمر بشكل علني بين الشباب من سكانه، وخاصة في منطقة كورنيش الجزيرة 16 والجزيرة 24 وأكشاك بيع المشروبات والحبوب المخدرة، والتي يشرف عليها على الأغلب عاملون في الأفرع الأمنية أو أقرباء لهم.

ظواهر تهدد هذه المنطقة الراقية التي بقيت بعيدة عن ساحة الحرب المشتعلة في مختلف أنحاء البلاد، لكنها قد تكون أشد فتكاً من الأسلحة المدمرة المستخدمة في هذه الحرب، وأكثر خطراً على المجتمع السوري وعلى السوريين أنفسهم.

المصدر: صوت العاصمة
الكاتب: فريق التحرير

اترك تعليقاً