بحث
بحث

مدينة التل “حارة كل مين أيدو الو”


صوت العاصمة – خاص

صراع على النفوذ والسلطة، وصراع على المال وسط غياب كامل للأمان الذي من المفترض أنه حلّ على المدينة بعد ترحيل “العصابات المسلحة” منها، والتي كانت تتسبب بترويع المواطنين.
مدينة التل شمال العاصمة دمشق، حيث لا قانون فيها ولا سلطة، ولا وجود لنظام الأسد الراعي الأول للأمن والأمان. مدينة تحكمها مافيات مسلحة مجهولة التمويل، غير مرتبطة بنظام أو سلطة، تعتقل وتعذب وتهين وتقتل وتسرق وتنهب كما يحلو لها، بالرغم من وجود مفرزة للأمن السياسي، وأخرى للأمن العسكري، وبلدية ومخفر ولكن لا سلطة تعلو على صوت السلاح في مدينة التل .

لجنة حماية المدينة التي تشكلت بُعيد تهجير الفصائل، من المفترض أن تكون مهمتها حماية المدنيين وممتلكاتهم، كلجنة مدنية لها مخصصات شهرية، وسلاح فردي ونفوذ مفتوحة لاعتقال أي مخرب، لكن على ما يبدو أن لا لمصلحة لأي ميليشيا من الميليشيات العاملة في المدينة بتسليح تلك اللجنة التي ستقف في وجه تشبيحهم، فمن المحتمل أن يتم حلّها بشكل نهائي، بسبب وجود بديل أقنع “السلطة” بأنه قادر على حماية المدينة من المفسدين واللصوص، فضلاً عن مضايقات تحصل بين الحين والأخرى لعناصر اللجنة، وتعرض بعضهم لعمليات طعن بالسلاح الأبيض عند ملاحقة اللصوص، والمصاريف الكبيرة من رواتب وغيره التي تؤخذ أساساً من جيوب الشعب، لتمويل تلك اللجنة. مصدر مطلع داخل المدينة أكد أنه سيتم حلّها قريباً بعد تدخل كبار قادة الميليشيات للتخلص من عناصر اللجنة والشكاوى التي يقدمونها يومياً للمعنيين بخصوص التجاوزات التي تتم من عناصر الميليشيا .

صراع على النفوذ بين الأمن العسكري الذي من المفترض أنه تابع لجهاز أمني معترف به، وبين ميليشيا “درع القلمون” التابعة للفرقة الثالثة في جيش النظام، صراع متمثل بشخصين، “أبو زيدون” قائد ميليشيا درع القلمون، الذي اعتقل بتهمة تزوير دولارات وخرج منها بريئاً، وماهر الشلبي قائد قطاع الأمن العسكري في التل، كلاهما يريد إبعاد الآخر عن الطريق وإقامة دويلة محكومة من قبل مافيا، لا علاقة لحكومة دمشق أو جيش النظام فيها نهائياً، وسط علاقة غير طيبة للأمن العسكري ودرع القلمون مع عناصر الفرقة الرابعة وما تبقى من مسلحين في مدينة التل. فالمدينة بعد التسوية أصبحت مرتعاً لكل مسلح موالي في المدينة والمناطق المجاورة، وسط احتقان واضح بين تلك الميليشيات والأجهزة الأمنية على الحكم والنفوذ وإقامة المقرات الأمنية، خاصة مع وجود مطلوبين للجهات الأمنية قام درع القلمون بتطويعهم لديه وضمان حمايتهم من الاعتقال.

المدني في مدينة التل لا حول له ولا قوة، يعيش وسط مستنقع من المسلحين، يمارسون عليه أقسى أنواع الإهانة والمذلة، ويتعرضون له بالضرب والخطف والشتم دون رقيب أو محاسب، الأمر الذي دفع بعض الأهالي بالتفكير بالخروج من المدينة التي  باتت المعيشة فيها لا تُحتمل بسبب عدم وجود الأمان، فمن الممكن أن يتم اقتحام منزلك أثناء تواجدك فيه وسلبك على العلن، أو ربما تتعرض لطعنة من سكين شاب طائش من المتطوعين في تلك الميليشيا.

ما يحصل في مدينة التل، بحسب مراقبون، لم يحصل في أي منطقة خضعت للمصالحة، لا شك أن المناطق التي دخلت حيز التسوية ستعاني من بعض الذل من قبل رجالات النظام، لكن ما يحصل بالتل أمر غير مفهوم حتى لسكان المدينة، فحتى جيش النظام وعناصر مخابراته غير قادرين على ضبط درع القلمون، وسط تخوف من تطور الأمور إلى اشتباك مسلح في حال تم دخول المدينة لاعتقال المسيئين والمفسدين منهم، بحسب تعبيرهم.